أحمد عاطف آدم يكتب: بيوت أساسها الرحمة
لا يختلف اثنان علي أن أهل ريف وصعيد مصر هما رأس الحكمة الداعمة للأسرة المصرية والسر وراء متانة لحمتها.
هذا ما تجسده مواقف كثيرة ومتجددة لعل أحدثها هو قرار والد عروس قرية “الحجايزة” التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية بدعم ابنته وعريسها بطريقة غير مباشرة، عندما فاجأ الجميع وهو يصطحب معه بقرة ضمن منقولات كريمته، وهو التصرف الذى أدهش الجميع حيث قال ضمن تصريحاته لموقع “اليوم السابع” :
“البقرة مساهمة منى للعريس في مشروع بدل النيش لأنه عبء عليه، واقترح إلغاء فكرة النيش وتبديله بشيء مفيد للمقبلين علي الزواج، وأضاف قائلا: “أنا لا أمانع في مساعدة زوج ابنتي أو زوج أختي.. وكما تعلمون أن البقر أو الماعز في الأرياف هي في الأصل مشروع، إحنا فلاحين ودى تقاليدنا وهذا ما يجب أن نساهم به”.
الجميل في هذا التصرف والفكر المدهش من والد العروس ليس في نوع الدعم غير المعتاد وهي البقرة، بل في الروح الجديدة التي ظهرت بعد غياب طويل عن الكثير من الأسر المصرية بخصوص جهاز العروس والسباق المحموم بين العائلات في الريف والمدن لتخطي بعضهم البعض تباهيًا بما جهزه كل عريس أو والد عروس من مقتنيات ذهبية وأجهزة منزلية وما شابه.
وهذا التقليد الرائع والمبتكر، الذى وضع رجل الدقهلية طوبته الأولى في جدار إرساء روح التكافل والدفء الأسري، يجب أن يقتدي به الجميع في مصر كلها حتي تتمتع بدايات تلك العلاقات المقدسة بمزيد من الاستقرار والإحساس بالأمان في ظل ضغوط الحياة ومسئولياتها الكثيرة.
ومن جانبى أراها أيضا بارقة أمل في تغيير فكر العروس وغرس الصبر في نفسها قبل دخولها عش الزوجية بدلًا من التأفف مع أول عثرة، فهي وإن وجدت تعاطفًا وتضامنًا من أهلها مع زوجها وعدم استغلاله وإنهاكه في طلبات لا حصر لها سوف تشعر بأنه ليس زوج فقط بل وكأنه أخ يدعمه والداها في بداية طريقه حتى تتحسن أحواله فيغدق علي ابنتهم ويعوضها لأنه عرف قيمتها الحقيقية مع صعودها أول درجات سلم الكفاح معه، وهي لا ترى اليقين والأمل إلا فيه، تلك المشاعر الدافئة بالزمن الجميل كنا نرى فيها توافق وحب وألفة بين الأزواج القدامى لا توصف، تشعر بأنهم كانوا أشقاء في الصبر يؤمنوا بحياتهم معًا علي الحلوة والمرة يطبقون ما جاء بسورة الروم حيث قال الحق سبحانه – بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} صدق الله العظيم.
فهي حقا بيوت أساسها الرحمة.