منال قاسم تكتب: الغربة داخل ذاتنا
كلاسيكيات الشاشة المصرية، حنين لـ “الزمن الجميل” يكسر “غربة” التلفزيون بعد أن كان هو المهرب والملاذ، وبعد أن كثرت المحطات الفضائية وأصبحت بلا عدد
انتشرت مؤخرا ظاهرة المحطات الخاصة بكلاسيكيات التلفزيون، مسرح ودراما وطرب، وبرامج، وأفلام كارتون، في حنين للزمن الجميل، حيث كانت بدايات ظهور الصندوق العجيب.
وعلى الرغم من بساطة ما كان يتضمنه المحتوى التلفزيوني آنذاك، لكنه قياساً بتلك الحقبة كان يمثّل ثورة معرفية وترفيهية كبرى، أسست لكثير من غزير المعلومات ووسائط ووسائل التواصل والبث والنشر في زمننا هذا.
فمن «روتانا كلاسيك» و«ماسبيرو زمان» و«كايرو زمان» و«دبي زمان» إلى «ميلودي كلاسيك»، وهى فئة من المحطات الفضائية التى تختص فقط ببث الأعمال والإنتاجات القديمة التي – وسط الزحام والانفجار الفضائي وطغيان المحتوى الجديد – ما عادت تجد متنفساً ولا مكاناً لها رغم استقطابها شرائح عمرية عريضة.
وهذا لا يعني أن عرض كلاسيكيات الشاشة محصور في هذه الفئة من القنوات، لكن ما يميزها هو تخصصها واقتصارها على هذا النوع من البث فيما يشبه القطع مع المحتوى الحديث.
فكل ما يعرض ها هنا قديم يرجع إلى عقود خلت في تخصص مثمر ومفيد يساهم في تنظيم هذا التوسع الهائل كمًا ونوعًا في المحطات والفضائيات، حيث يختلط الحابل بالنابل ويغدو بعضها مسرحاً لملء المحتوى بما هبّ ودبّ في شكل تختلط معه الأمور على المشاهد وتضيع البوصلة، ما يجعل التخصص أمراً محموداً ومطلوباً والحال هنا، لا سيما التخصص في المحتوى الكلاسيكي التلفزيوني وبما يساهم في إعادة الاعتبار والمكانة إلى ذاك الكيان المؤسس.
فمن مثلنا من متوسطى السنّ وكباره لا شك يحنون بطبيعة الحال إلى المحتوى التلفزيوني الذي كان يملأ سنوات طفولتهم وشبابهم ووجود محطات كهذه مختصة بالمحتوى الكلاسيكي، يقدم خدمة عظيمة بالدرجة الأولى إلى ملايين المشاهدين ممن باتوا يشعرون بنوع من الاغتراب وسط المحتويات الفضائية التلفزيونية الحديثة الموجهة خصوصاً للأجيال الجديدة والصاعدة ويعطيهم فسحة للاستمتاع والإفادة والعودة بذاكراتهم التلفزيونية إلى الوراء، والتي هي جزء محوري من خزين ذكرياتهم الماضية بحلوها ومرها.