منال قاسم تكتب: النوستالوجيا وإطلال الماضى
هناك عبارة اسمعها كثيرا من غيرى، بل وكنت أرددها أحيانا وفى الآونة الأخيرة أصبحت اسمعها أكثر وأكثر، وهى: “أيام الزمن الجميل”، استيقظت فجأة من هذا المسمى وشغل تفكيرى لأننى رددت هذه الاسطوانه التى يرددها الآخرون.
نعم هناك ذكريات جميلة ترتبط بزمن عابر ولكن هذا لا يعنى أن زمننا بشع.
الجرائم كانت موجودة من قبل، وكذلك الأمراض، الفرق هو أنه فى أيامنا يمكن أن نجد الدواء للمرض، ويمكن أن تكشف التقنيات الحديثة لجميع الجرائم
لكن من السهل ومن الأكثر أمنا أن نقول: ليتنا نعود إلى أيام زمان، بدلا من التطلع للمستقبل.
وفى دراسة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عن العيش على أطلال الماضى، والزمن الجميل علامة تدل على الحنين إلى الوطن، أو رفض التمتع بالحاضر خوفا من المستقبل المجهول، باعتبار أنه الاحساس الأسهل الذى نملكه خوفا من مستقبل لا نعلمه.
وتؤكد الدراسة أن الشخص يشعر بـ “نوستالوچيا” الماضى ثلاث مرات فى الأسبوع على الأقل.
وأوضحت الدراسة التى قادها طبيب نفسي بأن “النوستالوجيا” هى تماما مثل الحزن، أو السعادة.
وهو شعور عام، وجميعنا فى يوم من الممكن أن نردد مصطلح الزمن الجميل، واليوم الذى يمر لن يتأتى مثله، وفى هذه الكلمات ظلما كبيرا لحاضرنا، لأن اليوم الذى يذهب من الممكن أن يأتى ماهو أفضل منه، فاللحظة التى نعيشها تصبح من الماضى بمجرد أن تأتى اللحظة التى تليها.
وإذا نظرنا إلى الماضى مقارنة بالحاضر لوجدنا أننا محظوظون، لأننا ننعم بالكثير من الأشياء التي لم تكن متوفرة وأصبحنا اليوم نستثمر وقتنا بشكل أفضل لأن التكنولوجيا الحديثة سهلت حياتنا بشكل كبير.
“النوستالوجيا” جميلة الذكريات، حلوة، سواء أكانت ذكريات الطفولة والدراسة، أو العائلة والأصدقاء، حتى الرائحة هى ذكرى، والموسيقى التى توقظ فينا نبض الماضي الجميل هى أيضا ذكرى.
ولكن.. لنكن منصفين للحاضر، لأنه سرعان ما يتحول إلى ماض، فلا نبالغ بوصف روعة الزمن الجميل لأن زمننا من الممكن أن يكون – أيضا – جميلا، وكل يوم نستيقظ فيه ونجد أننا لازلنا نقدر على التنفس والرؤية والحركة، دون مساعدة من أحد يجب أن نحمد الله.. على الحاضر الجميل لأنه سيتحول إلى ماض أجمل، أو كما شدت سيدة الغناء العربي كوكب الشرق بكلمات الهادى آدم فى رائعته: ” أغدا ألقاك”، “.. قد يكون الغيب حلوا إنما الحاضر أحلى.”
لنتفائل بما هو قادم، ولنحيا حاضرنا الذى سيصنع مستقبلنا الأجمل.