حقوق الإنسان على الطريقة الكندية: اعتداء جنسي وبدنى وعاطفي.. وتمييز عنصرى ضد أطفال السكان الأصليين
كتبت: أسماء خليل
كشف “جان عنادا” وهو الشخص الذي قاد لجنة الحقيقة والمصالحة في كندا فى وقت سابق، أنه يجرى تحقيقًا مستقلًّا في وفاة آلاف من أطفال السكان الأصليين بكندا، وذلك في المدارس الداخلية التي تديرها الكنيسة.
وفجر “عنادا” قنبلة حيث كشف لصحيفة “الجارديان” البريطانية، أن هذه الوفيات وقعت على إثر اعتداءات جنسية وعاطفية وجسدية، على الأطفال حسبما قال الرجل.
وفى ذات السياق حذر “موراي سينكلير”، عضو مجلس الشيوخ السابق وأحد القضاة المنتمى للسكان الأصليين في كندا، من أن الحقائق غير المكتشفة للمدارس ربما تكون أكثر تدميرًا بكثير مما يدرك العديد من الكنديين؛ بما في ذلك القتل العمد للأطفال من قبل موظفي المدارس، واحتمال وقوع مثل هذه الجرائم تم التستر عليه.
ودعا سنكلير إلى تشكيل هيئة تحقيق قوية، بعيدا عن تدخل الحكومة، وأن يكون لها صلاحية استدعاء الشهود، مضيفا: “نحتاج إلى معرفة من ماتوا؟، ونريد أن نعرف كيف ماتوا ؟، ونريد أن نعرف من المسؤول عن وفاتهم؟ أو عن رعايتهم وقت وفاتهم؟، نحن بحاجة إلى معرفة سبب عدم إبلاغ العائلات؟، ونحن بحاجة إلى معرفة مكان دفن الأطفال؟”.
وتعرضت كندا لاكتشاف ما يقرب من ألف مقبرة غير مميزة في مواقع المدارس السكنية التي تديرها الكنائس والتي أُجبر أطفال السكان الأصليين على حضورها كجزء من حملة الاستيعاب القسري.
وقالت منظمة “Cowessess First Nation” منذ يومين، إنه تم العثور على رفات 751 شخصًا في موقع مدرسة سكنية سابقة في “ساسكاتشوان”؛ بعد أسابيع فقط من العثور على 215 قبرًا بدون شواهد في “كولومبيا البريطانية”.
ووصف جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، اكتشاف هذه القبور بأنها “تذكير مخجل” بالعنصرية المنهجية التي لا تزال الشعوب الأصلية تعاني منها ، مضيفًا أنه يجب علينا الاعتراف بهذه الحقيقة ، والتعلم من ماضينا ، والسير على طريق المصالحة المشترك ، حتى نتمكن من بناء مستقبل افضل.
لكن سنكلير حذر من أن المصالحة تتطلب جهدًا مستدامًا للتغيير من قبل الكنديين العاديين ومؤسسات الدولة القوية؛ وهو جهد ظل بعيد المنال حتى الآن.
وفي ذات السياق، تقر الحكومة والمؤسسات الاجتماعية الكندية وحتى السكان بأن ما حدث للشعوب الأصلية كان خطأ، وأنها ستقوم بتغيير كل شيء؛ ولكن قال سنكلير : “ لكن لم يطرأ أي تغيير”.
قاد سنكلير لجنة الحقيقة والمصالحة التاريخية التي خلصت في عام 2015 إلى أن نظام المدارس الداخلية يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية الثقافية .
وعلى مدى أكثر من قرن ، نُقل ما لا يقل عن 150 ألف طفل من السكان الأصليين من عائلاتهم وأُجبروا على الالتحاق بالمدارس، التي كانت الكنيسة الكاثوليكية تدير العديد منها.
وتم تحويل الأطفال قسرا إلى المسيحية ، وتم منحهم أسماء جديدة ومنعوا من التحدث بلغاتهم الأصلية. أغلقت آخر مدرسة داخلية في التسعينيات.
وأوضحت شهادة الناجين المؤلمة أمام اللجنة أن الاعتداء الجنسي والعاطفي والجسدي منتشر، قدر التقرير النهائي أن أكثر من 4100 طفل ماتوا بسبب المرض والإهمال والانتحار ، على الرغم من أن سنكلير قال إنه يعتقد أن الرقم الحقيقي قد يصل إلى ١٥٠٠٠.
لكن اللجنة مُنعت من التحقيق في مزاعم الإجرام ، وأحبطت الجهود المبذولة للحصول على سجلات رئيسية في الكنيسة والحكومة.
أوضحت شهادات الناجين والتقرير النهائي للجنة أنه كانت هناك مواقع دفن غير موثقة في جميع أنحاء البلاد. لكن الاكتشافات الأخيرة صدمت مع ذلك العديد من الكنديين وأثارت دعوات لإجراء تحقيق جديد ، وهو أمر قاومته الحكومة حتى الآن.