لواء دكتور سمير فرج يكتب : «برلين 2».. القرارات والتنفيذ
مقال جديد نُشر للواء دكتور سمير فرج، في جريدة المصري اليوم، تحدث فيه باستفاضة عن مستقبل ليبيا، وما هى آليات تحقيق الاستقرار لشعبها.
وإلى نص المقال
المكان: برلين، العاصمة الألمانية. التاريخ: الأربعاء 23 يونيو 2021. الموضوع: مستقبل ليبيا من أجل تحقيق الاستقرار والأمان لشعبها والمنطقة ومتابعة قرارات مؤتمر برلين (1).. أما الحاضرون فهم وزراء خارجية الدول التى حضرت مؤتمر برلين الأول، ولكن تخلف هذه المرة وزير خارجية روسيا سيرجى لافروف وحضر بدلًا عنه نائبه الأول، كما حضر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، ومعه وزير الخارجية الليبى رجاء المنقوشى. وكان من اللافت حضور وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن الذى أعطى المؤتمر قوة مؤثرة، لأنه أكد اهتمام الولايات المتحدة بتحقيق الاستقرار فى ليبيا، خاصة أنها تملك وسائل وأدوات الضغط المباشر على تركيا.. وفى كلمته أمام المؤتمر أكد بلينكن ضرورة الانسحاب الفورى للقوات الأجنبية من ليبيا، وضرورة تنفيذ الانتخابات فى موعدهاق فى ديسمبر القادم، وقال بلينكن فى مؤتمره الصحفى مع نظيره الألمانى هايكو ماس إنه يجب التطبيق بشكل كامل لوقف إطلاق النار الموقع فى 23 أكتوبر الماضى، وأكد انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من كل الأراضى الليبية، وأكد فى المؤتمر الصحفى أن الانتخابات هى الطريقة الوحيدة لضمان السلام والاستقرار هناك، وأضاف أن هناك حاجة عاجلة للوصول إلى اتفاق بشأن القضايا الدستورية والقانونية فى ليبيا.. ولقد تركزت كلمات الحاضرين فى هذا المؤتمر، حيث أعلن وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس أن رحيل المرتزقة من ليبيا سيتم بشكل تدريجى لأن الانسحاب لن يحدث بين عشية وضحاها.. وخارج كلمته التقليدية تحدث فى أروقة المؤتمر بأنه جرى تفاهم بين تركيا وروسيا على سحب تدريجى لقواتهما العسكرية والمرتزقة من ليبيا.
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وعبر وسائل في كونفرانس، فلقد انتقد التدخلات الأجنبية فى ليبيا، معتبرًا إياها عائقًا أمام تحقيق الاستقرار وإنهاء دوامة العنف فى الأراضى الليبية، فى حين أكد رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة أن حكومته ملتزمة بخريطة الحوار السياسى وإجراء الانتخابات فى ديسمبر المقبل.. أما وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوشى فلقد أعلنت خلال كلمتها إطلاق مبادرة لتحقيق الاستقرار فى ليبيا، وعبرت عن أملها فى أن ينجح مؤتمر برلين (2) فى تحقيق انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا فى القريب العاجل.
وخلال كلمته فى المؤتمر، دعا وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، المجتمع الدولى، إلى أن يقف جنبًا الى جنب مع المجلس الرئاسى الليبى وحكومتهق الوطنية على تحقيق الانتخابات القادمة فى موعدها، لأنه سيكون الأساس لبدء مرحلة جديدة فى ليبيا. وشدد «شكرى» على ضرورة التطبيق الفعال لوقف إطلاق النار وقرار مجلس الأمن رقم 2570 بما فيه نص صريح على مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة من كامل التراب الليبى دون مماطلة.
وجاء البيان الختامى للمؤتمر الذى استمر يومًا واحدًا، حيث يعلق البعض بأن البيان كان قد تم إعداده من قبل، بل هناك من يدعى أن هذا البيان الختامى قد تم تسريبه قبل إعلانه الرسمى على أى حال، فلقد جاء البيان الختامى الذى أعلنه وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس بأن المؤتمر يطالب بسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وأنه سوف تكون هناك عملية أممية٤ للإشراف على إجراءات الانسحاب. وأضاف البيان أن ليبيا شهدت العديد من التطورات الجيدة عقب مؤتمر برلين الأول، وأكد المؤتمر ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار، وضرورة توحيد قوات الأمن الليبى، وضرورة تنفيذ الانتخاباتثق الليبية فى موعدها 24 ديسمبر القادم مع البدء فى التحضير لهذه الانتخابات من القوى الشعبية الليبية.
ولقد أكدت بعض الدوائر القريبة داخل المؤتمر أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تقدم الدعم اللوجستيكى لتنظيم خروج القوات المرتزقة من ليبيا، وهذا يعنى توفير وسائل النقل وتأمين خروج هذه القوات، سواء كانت تابعة لتركيا أو روسيا. ولقد أعلنت تركيا تحفظها على قرارات المؤتمر، خاصة أنها منذ أسبوع أعلنت أن القوات العسكرية التركية موجودة فى الأراضى الليبية طبقًا لطلب الحكومة الليبية، وأنها لن تخرج إلا بعد تنفيذ الانتخابات فى ديسمبر القادم، ولكن التكهنات تشير إلى أنه بعد لقاء جو بايدن مع الرئيس التركى أردوغان على جانب مؤتمر حلف الناتو الأسبوع الماضى بدأ أردوغان فى محاولة التقرب للولايات المتحدة بعد المشاكل التى حدثت بخصوص شراء تركيا منظومة الدفاع الجوى الروسى S400، لذلك وافق أردوغان على قيام الجيش التركى بتأمين مطار كابول الدولى فى أفغانستان بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان فى 11 سبتمبر القادم، لذلك من المنتظر أن تنفذ تركيا مطالب الولايات المتحدة بسحب القوات التركية والمرتزقة من ليبيا، على أن تبحث تركيا عن مخرج دبلوماسى، خصوصًا موقفها أمام شعبها فى الداخل التركى.
ولكن جاء التساؤل الرئيسى بعد أن صدر البيان الختامى للمؤتمر وهو: لماذا لم يتم وضع إطار زمنى لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا لأن هذا الأمر هو مفتاح الحل فى ليبيا الفترة القادمة؟.. هذا هو الاستفهام الوحيد الذى تم توجيهه لهذا المؤتمر، وقد يكون الرد بأن هناك أمورا لوجستيكية وأمنية قد يكون من السابق لأوانه وضع خطة تفصيلية لسحب القوات العسكرية الأجنبية والمرتزقة، ولكن هناك من يرى على الأقل أن يوضع خط زمنى محدد تنسحب منه هذه العناصر، ويجب أن يكون قبل بدء الانتخابات الليبية بوقت كافٍ. على أى حال، لقد صدرت قرارات مؤتمر برلين (2)، ولكننا فى انتظار التنفيذ، أولها سحب المرتزقة والقوات الأجنبية، واستمرار وقف إطلاق النار، ثم إجراء الانتخابات فى 24 ديسمبر القادم، وهذا ما ستوضحه الأيام القادمة.