طارق متولى يكتب “منظور آخر”: متى يستجيب الله دعائك؟
بداية من حكمة الله سبحانه وتعالى فى عباده أنه جعلهم متساوين فى الخلق فلا تجد إنسان يزيد عن إنسان فى الخلق إنما يأتى التفاوت بين البشر فى العمل والكسب.
فالذى يتعلم ويعمل ويجتهد يحقق درجة أعلى من الذى لا يتعلم ولا يعمل ولا يجتهد، والعمل فى الأساس هو عبادة الله بالفرائض والشعائر والعبادات المختلفة وأيضا بالعمل الدنيوى الذى يعمر الكون والمجتمع فأكثر الناس عملا نافعا هم أقربهم إلى الله.
والقرب من الله سبحانه له ميزات كبيرة تتحقق للإنسان، ولا تتحقق إلا بقربه من الله منها رعاية الله وحمايته، ومنها عطاءات أكثر، ومنها أن يكون العبد فى معية الله سبحانه وتعالى، وتخيل أن يكون الله معك فى كل أحوالك، وأنت من أهل خاصته المقربين، ومنها إجابة الدعاء. فالقريب من الله دعاؤه مستجاب بإذن الله.
اقرأ أيضا.. طارق متولى يكتب: أسئلة مشروعة لمعالي وزير السياحة
ومن عدل الله سبحانه وتعالى أنه جعل القرب منه بالكفاءة والعمل وليس بالواسطة أو بالنسب أو بالجاه أو المال أو أى سبيل أخر فأصبح القرب من الله متاح لكل إنسان ولكل عبد إذا اجتهد وعمل بجد وإخلاص يتقرب إلى الله فلن يمنعه أحد ولن يطرده أحد، وكلما زاد عمله زاد قربه من الله وزادت منزلته وكلما قل عمله قل قربه ونقصت منزلته.
ولأن القرب من الله من أعظم المنازل وأرفعها فهو لا يتحصل إلا بعمل متقن دقيق وعظيم أيضاً، عمل وجهد بالجسد وإيمان ويقين بالقلب وهو العمل بإخلاص، فالملك من ملوك الدنيا مثلا لا يقرب من حاشيته من يعملون لأجله فقط ولكن يجب أن يكونوا مخلصين له ولله المثل الأعلى، وهو ملك الملوك ومالك كل شىء لا يقرب منه إلا العاملين المخلصين ايضا.
وفى الآية الكريمة “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ* [سورة البقرة:186].
الله سبحانه وتعالى يوجه الدعوة لكل العباد ويخبرهم أنه قريب من عباده جميعا الذين يعبدونه ويتقربون إليه
يجيب دعائهم إذا دعوه ثم يطلب منهم أن يستجيبوا لهذه الدعوة بالقرب، ويؤمنوا به سبحانه وتعالى ليتحصلوا على هذه المنزلة ويحققوا مصالحهم.
كلام واضح وصريح ومؤكد بإجابة الدعاء، إذا حققت شروط القرب من الله وطلب الخير لك ولغيرك لا طلب الشر. واعتبر الدعاء طلب لابد قبل أن تقدمه أن تستوفى كل الأوراق المطلوبة والشروط التى حددها الله سبحانه وتعالى، من تقوى وكسب حلال وأعمال صالحة وقرب من الله بترك الذنوب والمعاصي عندها سيقبل طلبك ويستجاب دعاءك بمشيئة الله.
الدليل على صحة هذا الكلام ذكره الله سبحانه وتعالى فى كتابه القرآن الكريم أيضا فى سورة غافر عندما تحدث عن المكذبين البعيدين عن الله وأنهم لا يستجيب الله دعائهم حين قال سبحانه فى الآية الخامسة عشر من السورة ( قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال )
أى أن دعائكم مرفوض وباطل لأنكم لم تؤمنوا ولم تحققوا الشروط التى يتقبل الله بها دعائكم.