الليلة في إذاعة البرنامج الثقافي العريقة

تعد إذاعة البرنامج الثقافي المصرية أهم مؤسسة إعلامية عربية تهتم بالشأن الثقافي والفكري الإبداعي المستنير منذ تأسيسها في 5 مايو 1957 باسم “البرنامج الثاني” بدأت الإذاعة إرسالها بثلاث ساعات من البث مساء كل يوم من التاسعة إلى الحادية عشرة، زيدت إلى أربع ساعات يوميا، من الثامنة مساء إلى منتصف الليل، ثم زيدت على مراحل حتى وصلت الآن إلى إثني عشر ساعة يوميا، من الثالثة مساءً إلى الثالثة من صباح اليوم التالي؛ تقدم خلالها تتنوع برامجها ما بين برامج شعر وقصة قصيرة ونقد وتحليل وفترات مفتوحة وبرامج موسيقية وبرامج مقرؤة 5 دقائق يومية.

تميزت ببرامجها التي تتناول مختلف جوانب الحياة الثقافية والأدبية، وخاصة ببرامجها الدرامية التي قدمت فيها ما يزيد على 900 عمل من كلاسيكيات المسرح العربي والعالمي والأعمال الدرامية المبنية على أعمال أدبية عالمية وعربية، قام بإخراجها والتمثيل فيها كبار المسرحيين والممثلين، وتمثيليات إذاعية مسلسة.

قدمت الإذاعة ما يقارب ألفا من البرامج الخاصة تتناول مختلف الموضوعات والأحداث التاريخية وسير الشخصيات العربية والعالمية الشهيرة في مجالات الآداب والعلوم ومسيراتهم الفكرية.

كما يزخر أرشيف إذاعة البرنامج الثقافي بلقاءات إذاعية لعدد من رواد الثقافة المصرية والعربية.

حينما تكون ضيفا عربيا في إذاعة البرنامج الثقافي المصرية العريقة تشعر بألفة حميمة
وأنت في الاستديو المجاور لإذاعة صوت العرب من القاهرة. للمرة الثالثة سنحت لي الفرصة
لزيارة إذاعة البرنامج الثقافي؛ مرة في برنامج الصالون الثقافي مع الاستاذ الدكتور حاتم الجوهري بمناسبة صدور العدد ١٩ من مجلة الفكر المعاصر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب وحديث عن الحضارات ومداراتها مع المذيع المثقف الاستاذ معتز العجمي ومرة ثانية في برنامج بتوقيع المؤلف بمناسبة صدور كتابي استأنف الدهشة؛ تأملات في آفاق الفلسفة وواقعها مع الاستاذ معتز الرائع والليلة في برنامج بلا حدود بمناسبة ذكرى ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في 22 أبريل 571 ميلادية كان ذلك موافقا لـ 12 من ربيع الأول من عام 53 ق.هـ.
كنت مدعو للحديث عن معنى ذلك الحدث الذي غيّر التاريخ الإنساني من وجهة نظر فلسفة التاريخ والحضارة بمعية الأستاذ الدكتور عيد عبدالحكيم محمد رئيس تحرير مجلة أدب ونقد التي نحبها. كان يفترض أن يتكلم الدكتور عيد عن الدلالة الروحية والثقافية لميلاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأنا اتكلم عن المعاني الفلسفية والتاريخية للحدث والذكرى والمعنى بعد أكثر مرور الف واربعمائة عاما.
ولكن أخبرني المخرج المحترم الأستاذ علي عبدالعزير في اللحظة الاخيرة باعتذر الدكتور عيد عن الحضور لأسباب صحية ؛الله يشفيه ويمن عليه بالصحة والعافية. ذهبت وقابلني الأستاذ المثقف وسام البحيري. تحدثنا في جلسة حوارية لمدة ساعة كاملة على الهواء مباشرة في سياق مجموعة من الاسئلة والقضايا المتصلة بالذكرى والتاريخ والحضارة ومنها:

-كيف يمكن النظر إلى المولود النبوي الشريف من وجهة نظر فلسفة التاريخ؟

  • ما علاقة الدين الإسلامي بالحضارة الإنسانية؟
  • بماذا تميزت الحضارة العربية الإسلامية؟
  • ما هي مقاومات النهوض الحضاري في العصور الحديثة والمعاصرة؟
    -اين موقع الحضارة العربية الإسلامية اليوم ؟
    وغير ذلك من القضايا والأفكار المتصلة التي
    كانت مدار حلقة اليوم في برنامج بلا حدود.
    كانت مناسبة طيبة للحديث عن اعظم واهم حضارة شهدتها المنطقة العربية الإسلامية
    في تاريخها الوسيط. حضارة ورثت كل المنجز التاريخي والحضاري الإنساني الذي ساد قبلها
    واعادت صياغته في صورة وشكل حضارة عربية إسلامية ازهرت على مدى تسعة قرون متواصلة.
    ويبقى السؤال هو لماذا عجز العرب عن إنتاج العلم الحديث؟ إذ كان العرب في كل حقول العلم .. في طليعة التقدم العلمي …إذ أن ما حققه العرب يثير الإعجاب إلى حد يدعو للتساؤل عن السبب الذي منعهم من اتخاذ الخطوة الأخيرة باتجاه الثورة العلمية الحديثة ؟ ويضيف صاحب كتاب فجر العلم الحديث ” كان العرب قد وصلوا إلى حافة أعظم ثورة فكرية حدثت في التاريخ، ولكنهم رفضوا الانتقال من العالم المغلق إلى الكون اللانهائي) حسب تعبير(Koyre كويري). وبما أنهم عجزوا عن اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة في بداية العصر الحديث، فإن البلاد الإسلامية لا تزال تتمسك بالتقاويم القمرية”

دوام النماء والازدهار لإذاعة البرنامج الثقافي ومنتسبيها الكرام والثقافة هي ما يبقى بعد نسيان كل شيء!

ورمضان كريم وكل عام وانتم بخير وسلام

زر الذهاب إلى الأعلى