الربيع إسماعيل يكتب: عن نزعة الضحية و استعطاف الجمهور
هل سبق لك قراءة عنوان بارز لقصة أحدهم ” من غاسل صحون إلى رئيس تنفيذي لكبرى الشركات “من مخيمات اللاجئين إلى وزير ….”؟
إذ كانت مشكلتي الوحيدة عند قراءة و مشاهدة بعض قصص الناجحين أجدني افتقد إلى ذاك الجانب القاسي في حياتهم، أعني تلك المعاناة التي عايشوها، تلك الثنائية المستمرة ما بين “من … و إلى”.
مما يبعث في داخلي شعوراً بعدم الإستحقاق، و كأن تلك المعاناة هي الثمن الوحيد للنجاح و الإنجاز .
لكن ما إن اقتربت أكثر من تفحص تلك القصص حتى اكتشفت أن أغلبها مختلق لإثارة تعاطف المتلقي فقط لا غير، و أحياناً لأغراض تسويقية للمحتوى .
عاشت الكاتبة المصرية “إيمان مرسال” لفترة طويلة بالولايات المتحدة و حين سئلت عن عدم ظهورها الإعلامي ، ردت ببساطة أنها رفضت تقديمها كضحية، و السائد أنه وقتذاك يقدم أغلب الكتاب والمفكرين بندوة تحت عنوان مثلاً : “الكاتب الذي عُذِب في سجون صدام حسين ” ، ” الكاتب الذي اعتقل من قبل النظام الفلاني” … الخ!
مما يثير تعاطف الجمهور لحضور الندوة و التعاطف مع ذاك الكاتب، و بالتالي يسطع نجمه و فكره.
هذه الصورة القائمة على تقديم المفكر كضحية لم تكن تروق لها، مما كلفها عدم الظهور إذ لم تعاني من أي اضطهاد في حياتها، فقلت في نفسي متسائلاً .. هل مصيري و مصيرك اللا ظهور و عدم السطوع فقط لأننا لم نعاني قط ؟
فأنت الذي لم تعايش الحروب، و لم تغسل الصحون يوماً كيف يمكنك إيجاد قصة تثير تعاطف ذاك المتفرج ؟
الخلاصة عزيزي القارئ.. معايشة الألم و المعاناة يتشكل كل يوم في أدق تفاصيل حياتنا، لكن ما أن يتحول الأمر لمادة تسويقية حتى يعود أكثر ابتذالاً و تشويهاً، لذا لست بحاجة لشراء تلك المادة أو التمثل بها.
واعلم عزيزي أنه يمكنك أن تصنع قصتك الخاصة بعيداً عن تلك الكليشيهات المختزلة بالمعاناة و دور الضحية فقط كمحفز للنجاح، فأنت و لحسن الحظ لم تحيا حياة قاسية، لم تعايش حروباً، لكنك قضيت مئات الساعات في التعلم و التدريب و هذا في ذاته محفزاً للتفوق و النجاح، و سينصفك الوجود يوماً بالسطوع، لا لأنك ضحية استُحسنت تعاطف الجمهور، بل لإستبسالك و تفوقك المستحق.
رائعة تلك الكلمات يااخي العزيز في حق كل من كافح وتحدى الصعاب للوصول لقمة النجاح ومع ذلك لم ينظر ولم يقدر احد تلك الجهود التي بذلك ليصل لتلك المكانة العالية، موفق دوما يااخي.
مقال رائع جدا
أستمر يا عزيزي