رشا ضاحي تكتب: تركْتُ الناس
في مثل هذه الأيام من كل عام تهفو القلوب وتشتاق إلى بيت الله الحرام
فدعونا نذهب سويا إلي الحج يسبقنا شوقنا
ها نحن قد ارتدينا ثياب الإحرام التي تجعل الناس سواسية من الأمراء إلى الفقراء لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى فالكل يخلع صنعة الخيّاط ليلبس خرقة البسطاء
ثم فلنشرع في التلبية
لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك “.
ومعنى التلبية : إجابة نداء الله عز وجل على الفور مع كمال المحبة والانقياد ، وتكرار كلمة (لبيك) وعدٌ منك لربك بطاعة بعد طاعة وشهادة منك على نفسك بإجابة بعد إجابة
وإذا بنا قد وصلنا مكة بلد الله الحرام
طُف بي بمكة إني هدني تعبي واترك عناني فإني ها هنا هدفي
ودَعْ فؤادي يشدو في جوانبها ففي مرابعها يهيم القلب من لهفي
إن مجرد رؤية الكعبة المشرفة يشعر الفؤاد بعظمة هذا البيت ومهابته وفي نفس الوقت يشعر بالسكينة والطمأنينة
ثم بعد إتمام الطواف دعونا نصلي خلف مقام إبراهيم عليه السلام
ولنتذكر كيف أن نبي الله إبراهيم الذي ضحّى وبذل وجاهد وصبر حتى استحق تقدير الله له بأن جعله أمة وحده ، بل وقرّبه وأدناه منه حتى أنعم عليه بلقب الخليل.
ثم إلي زمزم نرتوي من ماءها المبارك
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ، فيه طعام من الطعم و شفاء من السقم }
ثم إلي السعي بين الصفا والمروة
حيث نتذكر السيدة العظيمة هاجر وهي تسعى بحثا عن الماء فيكرمها الله بزمزم تنبع عند قدم إسماعيل عليه السلام
والسعي في حقيقته ركض في طلب الرضا ، وتشمير لنيل الأجر ، وكدح لجمع الحسنات وحط السيئات.
وها نحن نصل إلي يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ، وسُمّي بذلك لأن العرب كانوا يملئون قربهم في ذلك اليوم ويرتوون ليوم عرفات
والآن نصل إلي يوم الحج الأكبر يوم عرفة
إنه يوم المغفرة والرحمة يوم يعود فيه الإنسان
مولود نقي بلا ذنوب ولا خطايا
إنها رحلة كل مشتاق إلى التوبة إلى المغفرة
ولسان حاله يقول
تركْتُ الناس كلهم ورائي
و جِئْتُ إليك يا إلهي يا خالقي يا مدبر أمري
جِئْتُ تسبقني فرحة الدعوة و رجاء التوبة