أحمد عاطف آدم يكتب: الصيام وفلسفة التأمل
يُعَرَّف التأمل بأنه طقس يقوم خلاله الفرد بتدريب عقله علي تحفيز وعيه الكامن داخله من أجل الحصول علي فوائد معنوية ترتقي بالنفس البشرية.
بل إن هناك فوائد إبداعية للتأمل كالتي أسرت علماء العصور الماضية مثل إسحاق نيوتن صاحب قانون الجاذبية وجعلته يتوصل إلي نتائج حيوية عندما كان يحدق من نافذته وسقطت عليه تفاحة من أعلي شجرة فتأمل في كيفية سقوطها ومنطقية تلك الظاهرة حتي قال “وجدتها”. كما توجد الكثير والكثير من النتائج العلمية الأخرى التي توصل إليها الإنسان بفضل التأمل ليزيح الستار عن العديد من الألغاز المحيرة في غياب المعامل والأدوات التى توفرها التكنولوجيا بزماننا المعاصر.
وإذا نظرنا إلي أمور الحياة العادية التي نعيشها سنجد أننا نتأمل يوميًا بشكل لا إرادي، نجوب بداخلنا نعاتب أنفسنا تارة وننتشي بها تارة أخري، حتي إن بعض العلماء رأوا أن للتأمل عيوبًا قاتلة جعلتهم ضده مثل الخوف والارتباك والميل إلي الاكتئاب وربما الانتحار أحيانا، لذا لا يرون أن فوائده عظيمة بل كوارثه أعظم – لكن الحقيقة هي غير ذلك بكل تأكيد عند الإنسان المؤمن الذى يمتلك أدواته القوية في محاربة أهواء النفس وأطماعها وهو قادر علي دحض كل محاولات اليأس ومنعها من التسلل إليه بالتأمل والتدبر الملهم الذي دعانا الله سبحانه وتعالي إليه في محكم آياته وبأكثر من موضع قرآني منها كما جاء بسورة آل عمران، بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب” صدق الله العظيم.
ومن بين أهم الأسباب التي جعلت شهر رمضان أكثر شهور العام روحانية هو ذلك التأمل الذي دفع كل فرد للتفكير بعمق وإصرار علي رصد كل أبواب الخير واقتحامها بقوة لتقديم يد العون للمحتاجين، كأنه مأمورًا بالغوص داخلنا وإخراج رحمة الله فينا من مشاعر حب وعطف وتسامح، تلك المشاعر التي تولدت بإرادة إنسانية تتدفق دائمًا خلال الشهر المعظم ثم تتقلص بعده وبسرعة البرق – لكن يظل الهدف الأسمى ليس هو كم الجهد المبذول لنيل رضا الله خلال دقائق وساعات الشهر فقط ثم يتوقف باقي أيام العام – بل يجب أن لا ننسي تلك اللحظات الحرجة والضغوطات التي لا تعرف وقتًا محددًا لزيارتنا، ثم نتأمل كم شملنا الله رحمته في أي وقت وبرصيد لا يتوقف من الرحمات.. هذا العوز الدائم للستر يجب أن يقابله نهم لا ينضب من العطاء.