أحمد عاطف آدم يكتب: فرائس وذئاب فيسبوكية (١)
عندما أسس “مارك زوكربيرج” شبكته المحدودة داخل جامعة “هارفارد” التي ينتمي إليها، كان يهدف حينها إلي جعل هذا المشروع الصغير وسيلة للتواصل بين زملائه، ثم تلاها تدشينه ل“الفيس بوك” ليصبح في وقت قياسي أحد أكبر وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم، وسرعان ما ساد كل بقعة من بقاع الأرض.
الفتى العبقري لم يتوقف بل استمر في تطوير مشروعه يومًا بعد يوم محققًّا طموحه الهادف لاتساع الروابط الاجتماعية وتكوين لحمات افتراضية عملاقة.
وكانت ومازالت من بين أدواته ما يطلق عليه الآن “الجروبات الفيسبوكية”، ومما لا شك فيه أن الكثير من تلك المجموعات تعاني من العشوائية بشكل أو بآخر، نظرًا لتباين توجهات ورغبات وتفاعل مؤسسيها وروادها.
الملاحظ عزيزي القارئ أن بعض “البوستات” المطروحة للنقاش كل لحظة بتلك التجمعات الافتراضية سواء من قبل المدونين أنفسهم أو حتى المسئولين عنها تهدف إلى تقصي ميول باقي الأعضاء واستكشاف ما يخبئونه من أسرار تخصهم واقتحام حياتهم أكثر من دفعهم لتبادل الآراء والخبرات التي يكون معظمها وهمي ومضلل، كأن يكون طرح النقاش مثلًا، يبدأ بسؤال – كما ورد بأحد الجروبات -: “إيه اللي زعلكوا من بعض؟” ويقصد صاحب هذا الطرح أن يدلو كل عضو بدلوه علي سبيل الفضفضة بخصوصياته، على أن يرد باقي الأعضاء عليه وعلي غيره بسرد رأيهم حتى يستفيد الجميع، بزعم تعاظم قيمة وأهمية القضية المطروحة من خلال زخم المشاركة والإفادة المتبادلة، هذا هو ظاهر مثل هذا النوع من المنشورات أما باطنه فيكون خبيثًا يهدف إلي اصطياد الفرائس الجاهزة للاستغلال.
بعد متابعة مثل هذا المنشور وغيره الكثير وجدتُ أن المشاركين به معظمهم ما بين ذئب يتحين فرصة الانقضاض وفريسة لا تدرك أن وجودها بمثل تلك المجموعات لا يعبر إلا عن فراغ قاتل أو بنية اجتماعية مشوشة، والدليل علي ما سبق أن معظم التفاعل والإعجاب من الأعضاء الذكور يكون كاسح ومكثف على تعليقات أعضاء الجنس الناعم، حتى وإن كانت تعليقاتهن غير ثرية أو لا تضيف شيئًا يذكر للمنشور المطروح، لكنه فقط لمجرد لفت نظر العضو للعضوة الفريسة، ثم يتم إرسال طلبات صداقة إليهن في الخفاء أو العلن بالجملة الشهيرة “تعالي خاص” وذلك عطفًا على فضفضتهن التي أكدت أنهن يعانين من صدمة عاطفية تحتاج المواساة الخبيثة.. ومازال للحديث بقية.
(تابعونا في مقالات قادمة تحمل قصصا واقعية من بعض أصدقاء الجروبات المخلصين).