طارق متولى يكتب: الرضا والسعادة

المزاج أو الحالة المزاجية للإنسان هى أهم مايميزه ويؤثر على سلوكهK فأحيانا يكون الإنسان فرحانا ومتفائلا ومقبلا على الحياة وأحيانا يكون حزينا ومكتئبا وساخطا على الحياة، وأحيانا لا هذا ولا ذاك ولكن مستقرا وهادئا كالماء إذا لم يجد ما يعكر صفوه.
لكن ما هو المزاج ؟ وما معنى حالة مزاجية؟.
ربما لم أفكر قبل ذلك فى معنى هذه الكلمة
التى أرددها دائما دون أن أتوقف لفهم معناها.
بداية.. المزاج هو الحالة النفسية للفرد والتى تتشكل حسب مايمر به من أحداث وظروف محيطة، فإذا كانت الأحداث والظروف جيدة
كان المزاج جيد والعكس صحيح.
لكن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة والأحداث والظروف تتغير باستمرار وهى لحكمة الله سبحانه وتعالى وتدبيره لا تسير وفق مزاجنا أو ما نرغب به، لذا فهى تعجبنا أحيانا
وتسعدنا أحيانا، وأحيانا أخرى تحبطنا وتصيبنا بالحزن مما يغير من مزاجنا من الفرح والسعادة إلى الحزن والتعاسة.
هذه الأحداث السيئة بالنسبة لنا بمثابة اختبار لقوة تحملنا وصبرنا وإيماننا، فإذا تخطينا هذا الإختبار نجحنا وترقينا إلى منزلة أكثر قوة وحصانة.
ولكن كيف نصبر ونتحمل؟
ولكى نجيب على هذا السؤال يجب أن نعرف أن الصبر والتحمل ليس معناه الاستسلام وأن هناك فرقا بين التسليم والاستسلام فالتسليم هو الرضا بما قدره الله سبحانه وتعالى أما الاستسلام فهو اليأس والانسحاب مع عدم الرضا فشتان الفارق بينهما.
الصبر هو الاستمرار على الطريق رغم الصعاب والحفاظ على النفس من الشطط والتذمر والسخط بمعنى أخر الحفاظ على الحالة المزاجية والعمل على تحسينها بالرضا والإطمئنان والهدوء وضبط النفس.

فى حديث عظيم من جوامع الكلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى يرويه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) رواه الترمذي وحسنه.
فى كلمة فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط تعبير بليغ وعظيم وعلم كبير. فالملاحظ أن الحالة النفسية أو المزاجية للإنسان بمثابة مغناطيس يجذب كل ماهو من نوعه فلو كانت الحالة النفسية للشخص سيئة ستجذب إليه كل ماهو سىء مثل الشخص الساخط سيجد كل ما يزيد من سخطه
واذا كانت جيدة ستجذب إليه كل ما هو جيد مثل الشخص الراضى سيجد كل ما يرضيه لهذا فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط.
هناك أيضا استراتيجيات كثيرة وضعها العلماء لتحسين الحالة المزاجية وضبطها أهمها الإيمان وممارسة الشعائر الدينية وعمل الخير والحب،
واستحضار الذكريات الجميلة وعدم تذكر الذكريات الأليمة كما يفعل معظمنا،
وممارسة الرياضة أو الانخراط فى عمل مجتمعى وتشتيت الأفكار السيئة بأفكار جيدة متعارضة معها.
والنوم الجيد وتغيير المكان والأجواء وكل ما هو من شأنه أن يؤثر تأثير إيجابى على الإنسان (يجب أن ننتبه أن كل تصرف غير أخلاقي له تأثير سلبى يسبب التعاسة مهما بدا فيه من متعة مؤقتة أو شعور مؤقت بالسعادة).
أيضا الفكاهة وحس الفكاهة والمرح يساعد على تحسين المزاج فقد ثبت أن الضحك يزيد من معدل السيروتونين فى الجسم ويطلق عليه اسم هرمون السعادة
لأنه يساعد على الشعور بالرضا وعدم الإكتئاب.
وهكذا تستطيع أن تصنع السعادة لك ولمن حولك وتبعد عن نفسك الحزن والتعاسة.

زر الذهاب إلى الأعلى