رشا ضاحى تكتب: “رحلة”: (٨) الرزاق
مازلنا في رحلتنا نسير في أنوار أسماء الله الحسنى واليوم نتحدث عن اسم: “الرزاق”.
وقد ورد اسم (الرزاق) مرة واحدة في القرآن الكريم في سورة الذاريات في قوله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } ( آية ٥٨)
أما في السنة فقد ورد بصيغة الرازق
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق)
كما وصف الله سبحانه وتعالى ذاته بأنه خير الرازقين في خمسة مواضع في القرآن الكريم
والرازق سبحانه وتعالى هو المتكفل بالرزق والقائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها، وسع الخلق كلهم رزقه ورحمته، فلم يخص بذلك مؤمنًا دون كافر، ولا وليًا دون عدو، وما من موجود في العالم من إنس أو جن إلا متمتع برزقه مغمور بكرمه، يوصل الرزق إلى محتاجه بسبب وبغير سبب ، وبطلب وبغير طلب.
والرزق نوعان
رزق عام
وهو الذي يشمل البرّ والفاجر، والمؤمن والكافر، والكبير والصغير، والعاقل وغير العاقل، بل يشمل جميع ما تدبّ فيه الحياة من مخلوقاته، فيرزق الحيتان في البحار، والسباع في القفار، والأجنّة في بطون الأمهات، والنمل في باطن الأرض، فما من شيءٍ إلا وله قسمه وحظّه من الرزق: قوته وغذاؤه وما به عيشه، قال الله تعالى: { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} (هود ١١) فتكفّل بأرزاق خلائقه وضمنها تفضّلاً منه وتكرّماً.
قيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟
فقال: من عند الله فقيل له: الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟
فقال: كأن ما له إلا السماء؟! يا هذا الأرض له والسماء له فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد:
وكيف أخاف الفقر والله رازقي ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
تكفل بالأرزاق للخلق كلهم وللضب في البيداء والحوت في البحر.
والنوع الثاني من الرزق هو
الرزق الخاص
ويعنون به الرزق النافع للعباد، والذي يستمرّ نفعه في الدنيا والآخرة، ويشمل رزق القلوب وعطاءها بالعلم النافع، والهداية والرشاد، والتوفيق إلى سلوك الخير، والتحلّي بجميل الأخلاق، والتنزّه عن رديئها، وهذا هو الرزق الحقيقي الذي يفيد العبد في معاشه ومعاده، يقول الله تعالى:
{ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا} (الطلاق:١١)
وفي ظل ما تمر به البشرية من فتن أسأل حضراتكم أي نوع من الرزق نحتاجه أكثر رزق المال والزاد أم رزق الهداية والرشاد
أترك لكم الإجابة فقط أذكركم بأصحاب الكهف في محنتهم ماذا طلبوا
﴿إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ فَقالوا رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا﴾
(الكهف ١٠)
إن الإيمان بهذا الاسم سيحل الكثير من المشاكل كالقلق والخوف من المستقبل ، والجرأة على أكل الحرام ،والحسد ، واستحلال الربا وتبرير الرشوة ، وجرائم القتل والسرقة من أجل المال التي سببها عدم أو ضعف الإيمان باسم الله الرزاق
حتى نلتقي دمتم في رعاية الله.