أسماء خليل تكتب: لن أقتلَ زوجي
مازالت القوانين والأعراف الاجتماعية هي الأقوى من القوانين الوضعية لدى الكثير من الأُسر؛ فمالبثت المرأة المُتضررة من سوء معاملة وتعسف زوجها تطلب الطلاق أو الخلع، إلا ونهتها أسرتها عن ذلك ليس بشكل نصائح، ولكن ربما كأوامر مُوجهة، وبالطبع تكون علَّة ذلك هو عدم الفضائح وهدم الأسرة وتشتت الأطفال..
نعم إنهم محقون كثيرًا بما يمتلكونه من خبرة يريدون تلقينها لأبنائهم دونما عبور جسر المعاناة في حال الطلاق، ولكن هناك من النساء من تتعنَّت وتتسرع وتريد أن تلتحق بمدرسة الحياة، وحقًّا هي أعظم مدرسة لمن لا يعرف حتى حروف الهجاء..
لقد استشرت ظاهرة تدعو للعجب في تلك الآونة التي نعيشها، رغم كل الاستحقاقات التي حصلت عليها المرأة، إلا أنها توجه أقصى العنف للزوج مرورًا بالتطاول الجسدي وصولًا للقتل.
إنَّ تلك المرأة القاتلة لا تقدر قيمة زوجها؛ فالمعيشة في بيتِ رجلٍ قاسي القلب أهون بكثير من الحياة تحت ظلال دنيا أقسى وأعنف، ولكن هناك من تريد خوض التجربة بنفسها وتأبى تلقى الخبرات الحياتية بشكل شفهي من الآخرين..
الإسلام يدعونا أ نُقدُّر كل شيء بقدره، فترى النبي – صلى الله عليه وسلم – يوجه حديثًا لعموم النساء قائلًا : “أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة” صححه الألباني في صحيح أبي داود، فهو يحذر من أرادت هدم أسرتها دونما سبب أو علَّة حقيقية تدعوها للطلاق للتعرض لعقاب الله.
ولكنه – صلى الله عليه وسلم –رغم ذلك أوضح في حديث آخر ضرورة عدم إجبار المرأة على استمرار المعيشة مع زوجها إن طلبت الطلاق؛ حتى وإن كان البأس الظاهر غير قوي للانفصال، فقد أتت النبي – صلى الله عليه وسلم – امرأة قالت إنَّني أريد مفارقة زوجي ليس لسوء خلقه ولا لنقصان دينه ولكني لا أطيقه، فقال لها الرسول – صلى الله عليه وسلم – ردي عليه حديقته، ومن هذا الحديث تم سن قانون الخلع.. وعليه فلم يقل لها محمد النبي صلى الله عليه وسلم، عيشي معه وارضي بالحياة مع زوجك رغم عدم حبكِ له.
إذن فبالإمكان أن نضع ذلك الحد كأحد تشريعات الطلاق، وهو جواز تطليق الزوجة التي لا تطيق زوجها، وتلك الكلمة مشتقة اططلاحًا من الطَّوْق أي كل ما أحاط بالرقبة، فهل تطيق امرأة أن تطوق نفسها أو يطوقها غيرها برباط للرقبة ولا تتحمله..
إذن فقواعد الدين دائما بين الترغيب والترهيب، فيرهب المرأة التي تتجنى على زوجها وتهدده بالطلاق دونما عذر ولاسيما إن كان يحبها، ويرغب من كانت لديها مشكلات زوجية بعدم الاستمرار مع زوجها.
مَن لا تطيق زوجها.. تطلب الطلاق أو الخلع ولا تقتله بشكل مادي أو معنوي، فهناك من تقتل زوجها بشكل ملموس بآلة حادة أو وضع بعضٍ من السُّمِّ له بالطعام، وهناك من تقتل زوجها بشكل محسوس بأن تُمرر عليه عيشته وتكلفه فوق طاقته ولا تجعله يهنأ بالحياة.
أيُّهما عار أكثر فضيحة للمرأة.. أن يقول عنها المجتمع: المفضوحة التي خلعت زوجها؟!.. أو ربما طلبت الطلاق من أجل أنها تريد الزواج بآخر؟!.. أم يقولون : القاتلة!!!
حقًّا.. إنَّ هدم زوجة لبيتها من أجل آخر هو جُرمٌ شديد، ولكنه على أقل تقدير أقل جُرمًا من القتل!!
الإسلام دين الحرية، فقد خُلق الإنسان مُخيَّرًا لا مُسيَّرًا، لا يوجد إجبار في أمر من أمور الحياة.. فمن يرى الزواج قيدًا فعليه أن يَفُكَ قيده؛ فهو المسجون والسجان.. ومن يرى الزواج استقرار واكتساب رضا الله برعاية زوجه وأبنائه، فهنيئًا له بالدنيا والآخرة.