هاني الجمل يكتب : طوكيو والتمثيل المشرف
إلى متى سنظل نردد تعبير ” التمثيل المشرف” عند الهزيمة والانكسار ؟ ألم يحن الوقت بعد لاعتلاء لاعبينا منصات التتويج ومزاحمة الكبار ؟، ومتى نجيد ” صناعة البطل” بوصفها المخرج العلمي الوحيد ، بعيداً عن الفهلوة والتصريحات الرنّانة والوعود البرّاقة؟.
فما حدث حتى الآن في دورة طوكيو يحتاج إلى وقفة موضوعية مع الرياضة بكل فروعها ، ومع القائمين عليها من أهل الثقة،لاصلاح ما أفسدوه ، وبناء جيل جديد على أساس علمي مدروس. فحصول بعثة مصر وهي الأكبر في تاريخها ” 137 لاعب ولاعبة ممثلة في 23 لعبة، ” على ميداليتين برونزيتين فقط – على الأقل حتى الآن – أمر يدعو للخجل خاصة أن هناك دولاً لا يتعدى عدد سكانها المليوني فرد حصلت على أكثر من ذلك ، الأمر الذي يؤكد أن هناك خللاً في المنطومة الرياضية يستدعي تدخل مبعض الجراح .
فمصر حتى كتابة تلك السطور في المركز الثالث عربياً و45 عالمياً بحصول لاعبة التايكوندو هداية ملاك على ميدالية برونزية في منافسات وزن تحت 67 كيلوغراما، وأخرى للاعب سيف عيسى ضمن منافسات التايكوندو، فئة 80 كيلوغراماً، وهو كما يرى شريف العريان سكرتير عام اللجنة الاولمبية المصرية، ” إنجاز مصري” ، يستحق ال 5 الاف دولار التي تم صرفها فوراً لكل لاعب .
أمًّا كرة القدم التي تابعناها جميعاً فقد اكتفى شوقي غريب مدرب منتخبنا الوطني والمدعو رمضان صبحي بالقول ” يكفينا التمثيل المشرف ” أمام البرازيل ، وكأننا أضعنا ثلاث سنوات وأنفقنا الملايين من الجنيهات لتحقيق هذه الغاية غير النبيلة ” التمثيل المشرف ” فعن أي شرف يتحدثان ومن يحاسبهما ؟ .
وما يحدث في طوكيو ليس في نظر الكثيرين غريباً ، فأعلى رقم حققته مصر طوال مشاركتها الأولمبية الممتدة منذ عام 1928 ، هو خمس ميداليات، بدأها السيد نصير الذي نال ميدالية ذهبية في رفع الأثقال للوزن الخفيف بامستردام ، كما يعتبر كرم جابر نجم المصارعة الرومانية هو آخر من حقق ميدالية ذهبية لمصر في دورة أثينا 2004. وللأمانة يجب القول إن النتائج الطيبة لفريق كرة اليد هي النقطة الايجابية الوحيدة في دورة طوكيو الحالية ، ولذا وجب الاشادة به وتكريمه لأنه يرفع من مكانة مصر في كل الدورات التي يشارك فيها .
وهنا نتساءل بموضوعية .. أين المشروع القومى للموهبة والبطل الأوليمبى الذي تحدثت عنه كثيراً وزارة الشباب الرياضة وأطلقته كما تقول في 27 مديرية من مديريات الشباب والرياضة بمختلف محافظات الجمهورية في 9 ألعاب رياضية في ضوء إستراتيجية الحكومة لتحقيق التنميه المستدامه؟ . لقد قالوا لنا إن المشروع يهدف – كما يدعون – إلى ” اكتشاف وانتقاء المواهب وصقلها وإعدادها لأعلى المستويات الرياضية العالمية” ، لكننا للأسف لم نر مواهب ولم نلمس انجازات .
خلاصة القول .. ” صناعة البطل” مسؤلية جماعية تتخطى نظاق وزارة الشباب والرياضة ، فالإنجاز الأولمبي يحتاج لثورة تكنولوجية مدعومة بخبراء من الدول المتقدمة، وهي ثورة يشارك فيها الجميع بداية من الأسرة ، حتى يصعد لاعبونا إلى منصات التتويج الكبرى حاملين علم مصر خفاقاً في سماء العالم ، وكفانا ” التمثيل المشرف” الذي صدعتم به أدمغة المصريين .