رشا ضاحى تكتب: رحلة (٩) الجبار

نمضي في رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم من أسماء الجلال وهو اسم الجبار
ورد هذا الاسم في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } الحشر: ٢٣
ولهذا الاسم الجليل عدة معاني.
المعنى الأول: الجبار هو العالي الذي لا يُنال، والله سبحانه وتعالى يقول في قرآنه الكريم:
﴿قالوا يا موسى إِنَّ فيها قَومًا جَبّارينَ وَإِنّا لَن نَدخُلَها حَتّى يَخرُجوا مِنها فَإِن يَخرُجوا مِنها فَإِنّا داخِلونَ﴾ (المائدة: ٢٢) أي أقوياء أشداء.
المعنى الثاني: الجبار بمعنى أنه جبره على كذا أي أكرهه على ما أراد بمعنى أجبره،
فهو سبحانه جبار مشيئته هي النافذة، أنت تريد وأنا أريد هكذا يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ( أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد ).
المعنى الثالث: الجبار بمعنى جبر الرحمة، فإنه سبحانه يجبر الضعيف والفقير بالقوة والغنى، ويجبر الكسير بالسلامة، ويجبر المنكسرة قلوبهم بإزالة كسرها، وإحلال الفرج والطمأنينة فيها، وما يحصل لهم من الثواب والعاقبة الحميدة إذا صبروا على ذلك من أجله .
وقد أوجز السعدي في تفسيره هذه المعاني في قوله: (الجبار) هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف الجابر للقلوب المنكسرة، وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه”.
“ يا من ألوذ به فيما أؤمله
ومن أعوذ به مما أحاذره
لا يجبر الناس عظما أنت كاسره
ولا يهيضون عظما أنت جابره”.
وكان من دعاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَا دَلَّ عَلَيهِ اسمُ (الجَبَّارِ): (ربِّ اغفِرْ لي، وارحَمْني، واجبُرْني، وارفَعْني، وارزُقْني، واهدِني) رواه أحمد.
قال ابن الأثير: “واجبُرنِي أَيْ: أغْنِني، مَنْ جَبَر اللهُ مُصِيبَته: أَيْ: رَدَّ علَيه ما ذهب منه وَعَوَّضَه، وأصله مِنْ جَبْر الكَسر”
إن الجبر الإلهي بكل معانيه صفة من صفات الكمال الإلهي المطلق .. ولا يستعمل الحق جل وعلا جبروته في موضع إلا تحقيقا لخير أو دفعا لشر، وهو سبحانه مستحق للحمد على جبروته كما هو مستحق الحمد على رحمته ومغفرته وكرمه .
ومن آثار الإيمان باسمه الجبار، أن يرغب ويلجأ الإنسان إلى الله – عز وجل – في أي نقص أو حاجة أو مرض أو ابتلاء يعترضه، فلا يلجأ إلي المخلوقين فيما لا يقدرون عليه، وإنما يلجأ إلى الله – سبحانه وتعالى – فهو الذي يجبر الكسير، ويغني الفقير، وينصر المظلوم، وهو سبحانه لايغضب من كثرة الدعاء والسؤال، بل يعطي ويغني ويشفيـ كلما لجأ العبد إليه.
وحتى نلتقي دمتم في رعاية الله.

زر الذهاب إلى الأعلى