هاني الجمل يكتب: مصر والألعاب الفردية
متى تدعم مصر الألعاب الفردية التي يحقق أصحابها الانجازات الكبرى ويرفعون علمها خفاقاً في سماء العالم ؟ ومتى يقتنع صانع القرار في المحروسة أن الألعاب الجماعية – ما عدا كرة اليد – لا تستحق انفاق ملايين الجنيهات على أصحابها؟
فالفرحة التي رسمتها فريال أشرف وزملاؤها الأبطال خلال دورة طوكيو على شفاه المصريين جديرة بأن تعيد الدولة رؤيتها وتقييمها للألعاب الفردية التي حقق خلالها هؤلاء الأبطال 6 ميداليات لمصر ، وفي الوقت نفسه لا تلقى رياضتهم الدعم المستحق، مقارنة بكرة القدم ولاعبيها من أمثال رمضان صبحي ورفاقه الذين خذلونا واكتفوا ب” التمثيل المشرف”.
فما حققه أبطال الألعاب الفردية انجاز لم يتم منذ عام 1928 ، وهو أمر يحتم على صاحب القرار الرياضي باجراء وقفة موضوعية ،يعرف من خلالها مواضع الخلل ، ومحاسبة المقصرين الذين لا يستحقون ارتداء قميص مصر ، وعمل خارطة طريق جديدة لإعداد الأبطال الأولمبيين الحقيقيين .
ولقد أحسن الرئيس عبد الفتاح السيسي صنعاً ، حينما حرص على تهنئة ابنه مصر البطلة فريال أشرف بعد حصولها على ذهبية الكاراتيه، واعتبره ” إنجازاً جديداً يدعو للفخر، مؤكداً فخره بفريال، وكل مصرى يرفع اسم مصر عالياً فى المحافل الدولية” . ولقد ترجمت برقية الرئيس السيسي كل مشاعر الفخر التي يشعر بها كل مصري تجاه البطلة فريال أشرف وزملائها الذين رفعوا علم وطنهم خفاقاً وتغلبوا على كل الصعوبات.وفي هذا الإطار لابد من ارجاع الحق لأصحابه والاشادة بكل من وقف وراء هذا الانجاز ودعم هؤلاء الأبطال الذين ينبغي الاحتفاء بهم مادياً ومعنوياً باعتبارهم القدوة والمثل لأبنائنا .
فتاريخ مصر الرياضي في الألعاب الفردية حافل بالانجازات الأمر الذي يؤكد ضرورة دعمها ، فمصر تحتلّ المركز السابع في تاريخ المشاركات في دورة البحر الأبيض المتوسط حتى عام 2009 م بواقع 533 ميدالية؛ منها 135 ذهبية و126 فضية و183 برونزية. وتُعتبر رياضة رفع الأثقال هي الرياضة الأكثر حصولاً على الذهبيات بـ 42 ميدالية ذهبية ثم الملاكمة 24 ثم المصارعة 16. وبالنسبة للأوليمبياد نجد أنّ مجموع الميداليات الأوليمبية المصرية على مدار التاريخ لا يتناسب مع حجم ومكانة مصر التي حصلت على 31 ميدالية أوليمبية منها 7 ذهب و10 فضة و14 برونز، وجميعها ألعاب فردية ويمثل النصيب الأكبر منها رفع الأثقال والمصارعة.
ومن منّا لا يذكر أبطال مصر العظام في الألعاب الفردية أمثال علي إبراهيم الحاصل على الميدالية الفضية في بطولة العالم للتجديف مرتين بالإضافة لفضيّة البحر المتوسط، وخضر التوني الذي حاز على ذهبية رفع الأثقال رجال وزن متوسط عام 1936 م في برلين. فالتوني يعد من أعظم أبطال رفع الأثقال وتصدّر اسمه سجلّات أبطال العالم لمدة 48 عامًا، وهي القائمة التي يُصدرها الاتحاد الدولي لرفع الأثقال سنويًا. وعندما شاهد هتلر خضر أعجب به بشدة وطلب لقاءه في المقصورة الرئيسية وصافحه وقال له” كم كنت أتمنى أن تكون ألمانيًا وأريد أن تعتبر ألمانيا وطنك”. وقد أُطلق اسم خضر التوني على أحد شوارع القرية الأوليمبية في ميونيخ تكريمًا واعترافًا بإنجازاته. أمّا محمد علي رشوان الحائز على الميدالية الفضية عام 1948 م في لوس أنجيلوس ،فيعرفه الكثير من المصريين واليابانيين بسبب موقفه الأخلاقي في البطولة والاهتمام الياباني بهذا الموقف الذي يتجدّد كل أوليمبياد عندما رفض استغلال إصابة خصمه الياباني للفوز عليه. وبجانب هؤلاء العظام ، نجد أسماءاً أخرى مضيئة مثل كرم جابر، لاعب المصارعة الحائز على ذهبية أثينا 2004 م وفضية بكين 2006 م وزن 90 كجم، ورانيا علوان وأبو هيف وغيرهم من الأبطال المصريين المميزين في الألعاب الفردية.
خلاصة القول : دعم الألعاب الفردية أصبح اليوم ضرورة وطنية ، إذا أردنا أن يرتفع علم مصر خفاقاً في سماء المجد ، وكفانا اخفاقات رفاق رمضان صبحي الذين حصل كل منهم على خمسين ألف جنية مكافأة لفشلهم واكتفائهم بالتمثيل المشرف ..عيب .. استحوا أيها السادة .