رشا ضاحي تكتب: رحلة (١٠) الفتاح
تمضي رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسم الفتاح
ورد الاسم مفرداً مرة واحدة في قوله تعالى:
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ } (سبأ ٢٦)
وورد بصيغة الجمع مرة واحدة أيضاً في قوله عز وجل: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (الأعراف: ٨٩)
رشا ضاحى تكتب: رحلة (٩) الجبار
ولهذا الاسم الكريم عدة معاني
أولا : الفتاح الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، بأحكامه الشرعية والقدرية
قال سبحانه على لسان شعيب عليه السلام: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} (الأعراف:٨٨)
قال ابن كثير: {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} أي:
خير الحاكمين، فإنك العادل الذي لا يجور أبدا.
ثانيا : الفتاح الذي يفتح على عباده المؤمنين بالنصر، قال الله تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}(المائدة:٥٢)،
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
” {أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْح} فتح مَكَّة والنصرة لمُحَمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابه”.
وقال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}(الفتح:١)
ثالثا: الفتاح الذي يفتح أبواب الابتلاء والاختبار لعباده المؤمنين، قال الله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}(الأنعام:٤٤)،
قال ابن كثير: “{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} أي: أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم،
{فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} أي: فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون، وهذا استدراج منه تعالى”.
حظ العبد من اسم الله الفتاح :
● دوام التوكُّل :
أن تعتمد على الله سبحانه وتعالى قبل الأخذ بالأسباب، وأن تطلب منه وحده مفاتيح الخير
● كن أنتَ مفتاحًا للخير :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
(إن هذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبدٍ جعله الله عزَّ وجلَّ مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وويلٌ لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير)
و من أسباب فتح الله للعبد :
■ التقوى:
التقوى من أعظم أسباب فتح الرب للعبد، في الرزق، والبركة، والعلم، والأمان ، والدليل على ذلك قول الله تعالى:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (الأعراف: ٩٦)
قال الإمام الشافعي
عليك بتقوى الله إن كنت غافلا
يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري
■ الدعاء:
فكم من الأبواب المغلقة انفتحت بدعوة خاشعة؛ ولهذا سن لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) في بداية كل يوم أن ندعو، ونقول:
(إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا وأصبح الملك لله رب العالمين، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم، فتحه، ونصره، ونوره، وبركته، وهداه، وأعوذ بك من شرِّ ما فيه، وشرِّ ما قبله، وشر ما بعده، ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك )
■ صلة الرحم :
فمَن فتح قلوب أهله، ورحِمَه، بحسن الصلة والإحسان
فقد عرف ربه الفتاح.
الصدقة : ■
في الصدقة فوائدُ ومنافع لا يحصيها إلا الله؛ فمنها أنها تقي مصارعَ السوء، وتدفع البلاء حتى إنها لتدفَعُ عن الظالم وتقضي على أمراض القلوب كالحقد والحسد
كما أن فيها انشراح الصدر، وراحة القلب وطمأنينته
حتى نلتقي دمتم في رعاية الله