ما الذي حوَّل الرباط المُقدس إلى رباط مُدنس؟!.. “الخيانات الزوجية” (2)

كتبت: أسماء خليل

مازلنا بصدد محاولة تفسير ظاهرة زيادة الجرائم الزوجية المرتبطة بخيانة أحد الزوجين للآخر واستشرائها بصورة ملحوظة بالآونة الأخيرة.. لقد سلمنا جدلًا أنَّ لوسائل التواصل الاجتماعي الدور الأعظم فيما يحدث؛ حيث أنها تقوم بتيسير التعارف والتلاقي الروحي والفكري، ومابرحت هي الآفة التي تمثل أحد حدي السلاح الذي كلما ازداد بريقًا ولمعانًا قتل صاحبه.
وتستكمل الدكتورة “إيمان عبد الله” أستاذ علم النفس وخبيرة الإرشاد الأسرى ذلك الطرح الفلسفي علَّنا نؤتي سؤلنا بإيجاد تفسيرات أعمق لتلك الحوادث المجتمعية الخطيرة، فتؤكد أن من أهم أسباب الخيانات الزوجية شيء تُكنُّه خبايا النفس، وهو “عدم رضا” طرف عن الآخر؛ فيُسِرُّ ذلك في نفسه خلسةً ويبدأ في البحث عن شريك آخر بصورة غير شرعية، ويحاول تعويض ما فقده مع تلك المرأة حتى لا يُطلق زوجته وتظل في منزله ربَّة الاستقرار الأسرى.
وترى أستاذ علم النفس أنه لا يوجد ثوابت فكرية،حيث يرسخ بالأذهان – دائمًا – أن المرأة لا تخون من أجل الخيانة، فتنفي ذلك وتؤكد أن هناك نساءًا باستطاعتهن الخيانة لميول داخلية واستعداد للتعرف على الآخر، أو أن لديها تجارب بالماضي مثل تعرضها للاغتصاب أو التحرش مما يجعل أمر الاستباحة الجسدية متأصل داخلها.
وتؤكد عبد الله أنَّ “الاضطرابات العقلية أو العصابية أو النفسية” من أهم أسباب تلك الاختلالات الاجتماعية مثل النرجسية التي تُعد آفة عظيمة من الآفات الناتجة عن سوء المنظومة التربوية، وكذلك إدمان الجنس ، فهناك من هم مدمنون بشكل كبير فيكون لديهم رغبة شديدة في تغيير الشريك بشكل متواصل ليجد آخر يمارس معه الرذيلة، وكذلك “الاضطراب ثنائي القضب” وهو اضطراب عقلي يدعو صاحبه لفعل تلك المحرمات وأيضًا “الاكتئاب”.
وتشير خبيرة الإرشاد الأسرى إلى أن دوافع الرجل للخيانة تختلف عن دوافع المرأة؛ فدافع الخيانة الأول لدى الرجل هو “التلاقي الجسدي” ، على عكس المرأة فهي دائمًا تخون إمَّا من أجل الانتقام مما يفعله معها زوجها من ظلم وقهر، وربما يكون لديها “دافع روحي” لتسمع كلمة إطراء من رجل آخر كرد فعل وتعويض الحرمان العاطفي والفراغ العاطفي لحرمانها مع شريكها، ويكون الدافع في كثير من الأحيان – أيضًا – هو “سفر الزوج”.

وتستطرد خبيرة الإرشاد الأسرى تأكيدها على أن“ الفوراق” في المقام الأول هي سبب متأصل لتلك الخيانات؛ فيشعر الطرف الأول بمقارنة دائمة بين زوجه وأي إنسان آخر يوجد بينهما تقارب اجتماعي وفكري، وترتكز رؤية الدكتورة إيمان على القيم والأخلاق، فالخيانة في المقام الأول“ انحراف أخلاقي” وعدم الوازع الديني وتدني القيم الذاتية، بالإضافة إلى أنه في وجود الحب بين الزوجين يقوي العلاقة فالحب يدعو إلى الإخلاص.
وتضيف أستاذ علم النفس أنه في حال رؤية الشخص تجارب لخائنين أثناء تربيته، أو أن أحد المقربين يشاهد أفلام إباحية، فيجعله ذلك أقرب للخيانة الزوجية، كما أن تعرض أحد الطرفين لعدم الاستمتاع في العلاقة لكثرة التخيلات المُسبقة قبل الزواج يجعله لا يعيش بأرض الواقع، وكذلك هناك سيدات تعشقن الأموال، فالمادة تجعلها تخون من أجل الارتقاء بالمستوى كتعويض مادي أو معنوي.

 

اقرأ أيضا.. 369 يوما تحت حكم الإخوان الإرهابية.. سجل العار والخيانة

 

وتشير إلى أنه أثناء ممارسة الشخص للخيانة يتم إفراز“الدوبامين” فيشعر ذلك الرجل أو المرأة بالسعادة، ولكنها سعادة وقتية إذ أن هذا القدر من الدوبامين مثل “المادة المُخدرة” فتجعله يخون باستمرار للحصول على تلك الجرعة التي تشعره بالسعادة المؤقتة، ولكنها تفقده جزءًا من صحته وتدمر نفسيته، لكن في العلاقة الحميمية يتم إعطاء الجسم نوعًا من الإشباع، كما أضافت أن اهتزاز الثقة بين الزوجين يؤدي إلى الشك المدمر، والذي بدوره يؤدي إلى الخيانة.
وتقدم خبيرة الإرشاد الأسرى مجموعة من الحلول؛ فتشير إلى ضرورة أن يملأ الزوجان وقت فراغهما بالقراءة والرياضة وممارسة الهوايات ليس عن طريق الإنترنت، أو استغلال الإنترنت في تقوية المواهب والاندماج الأسرى.
كما وجدت الدكتورة – من خلال المُترددين على عيادتها-أن الندم وتأنيب الضمير وجلد الذات متلازمين لمن يخون شريكه، وتكون تلك الخيانات بداية تردده إلى العيادات النفسية وهذا ما صادفته أثناء رحلتها في العلاج النفسي لبعض الأزواج.
وقالت لابد أن نعيد الثقافة الجنسية للزوجين والتأهيل النفسي قبل الزواج وأخذ دورات تدريبية لكيفية التعامل مع الخريطة الجسدية للزوج والخريطة الجسدية للزوجة .. حتى لا يكون أحدهم أنانيًّا في العلاقة، فعدم فهمه لطبيعة الطرف الآخر تجعله يشعره بتلك العلاقة، وبالتالي يبحث الآخر عمَّن يعوضه.
وتكمل بالتأكيد على ضرورة الموازنة بين الحب والعاطفة والعلاقة الحميمية؛ إذ أن الخلل في تلك الموازنة يؤدي إلى نوع من المعاناة الداخلية، فكثير من الذين يخونون لديهم معاناة داخلية ومشاكل مع الزوج، إذ أنَّ هذه الرغبات لا يتم إشباعها.

وتطرح أستاذ علم النفس سؤالًا يتم توجيهه إليها دائمًا : لماذا لا يخون هؤلاء الرجال قبل الزواج فقط وحينما يتزوجون لا يخونون؟!
وتجيب إنَّ هذا الرجل في أكثر الأحيان يُخدع أو تأتي تصرفات تلك الزوجة وخاصة في العلاقة الحميمية على عكس التوقعات تمامًا فتزداد المنغصات تحدث الخيانة.
وتستكمل الدكتورة إيمان طرحها للحلول، وتؤكد على ضرورة التنوع في ممارسة العلاقة، ولابد على كلا الزوجين أن يعطي وقتًا للآخر ويهتم بل ويبتكر لإسعاد الطرف الآخر، فديننا يسر وكل سبله تؤدي إلى الارتياح في الدنيا؛ فيوجه القرآن الكريم حديثه للرجل أن يأتي امرأته انَّى يشاء، فلابد من كسر فيروس الملل والتجديد والتنوع في الأشكال والطريقة ويرى كل طرف ما يحبه الطرف الآخر ويحاول تحقيقه لكي يذهب الفتور، وعلى كل طرف أن يثقف نفسه ولا يهرب للخيانة.
فتحكي عبد الله من واقع ممارسته لمهنة تقصي الحقائق داخل النفوس وتوجيه الإرشاد إليها، أن هناك من يشكو من زوجته أنها تنام مبكرًا ولا تعينه على كبح جماح رغبته، ويجد المفارقة تتجلَّى بامرأة تدلله على وسائل، فسرعان ما يبدأ بالبداية المعهودة “ كلام حلو” وغزل إلى الوصول للنهاية المأساوية.
وتختتم أستاذ علم النفس حديثها بأسفها على التدني الأخلاقي الذي حدث بالمجتمع، إذا يأتي إليها حالات لأطفال ١٤ عاما مدمنو الإباحية!!.. وتؤكد على ضرورة استيقاظ من يخونون من غفلتهم؛ إذا أنهم يعتقدون حد اليقين أن أمرهم من الاستحالة أن ينكشف بحجة أنهم قد أخذوا الحيطة والحذر، ولكن على النقيض تماما، فقد ينكشف الأمر من مجرد رسالة بسيطة جدا.

ويؤكد العلماء كما تذكر الدكتورة إيمان على ضرورة أن يكون الناس أكثر صراحة، كما هم أكثر وقاحة، وكذلك كيف يكون لدى المرء قدرة على الخيانة وليس لديه قدرة على مواجهة الشريك بما يضايقه، فينصحون باستخدام نفس القوة التي سيطرت عليك وجعلته يخون،ونصحت ان يكون للمسلسلات الدرامية دورًا في تقويم البشر.

زر الذهاب إلى الأعلى