هاني الجمل يكتب : أفغانستان إلى أين ؟

مع تسارع الأحداث في أفغانستان بشكل متلاحق خلال الساعات القليلة الماضية، يتساءل العالم: إلى أين تتجه الأوضاع في في تلك الدولة ؟ وأين جيشها الذي أنفقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 88 مليار دولار؟ وماذا جنت واشنطن من بقاء قواتها نحو عشرين عاماً في هذه الدولة ؟.

أسئلة كثيرة تطرح نفسها مع بدء دخول قوات طالبان إلى العاصمة كابول بعد أن فرضت سيطرتها على معظم المدن الأفغانية دون مقاومة تذكر، بل واستسلام 3 آلاف مقاتل من القوات الحكومية للحركة قبل أيام قليلة .

في ضوء هذه التطورات لم يكن أمام الرئيس بايدن من مناص، إلّا رفع عدد القوات الأميركية المرسلة إلى مطار كابول للمشاركة في إجلاء طاقم سفارته ومدنيين أفغان تعاملوا مع واشنطن إلى خمسة آلاف عنصر، حيث يقدّر البنتاغون عدد الأشخاص الذين يتحتم إجلاؤهم من أفغانستان بحلول نهاية الشهر الجاري بنحو ثلاثين ألف شخص .

 

اقرأ أيضا.. هاني الجمل يكتب: مصر والألعاب الفردية

 

كما حاول بايدن تبرير موقف واشنطن بالقول إنه لايوجد مبرر لبقاء القوات الأمريكية في أفغانستان بعد مقتل أسامة بن لادن منذ أكثر من عقد من الزمان وتراجع تنظيم القاعدة، مشيراً إلى ان الولايات المتحدة أرسلت أفضل شبابها وشاباتها للحرب في أفغانستنان ، واستثمرت ما يقرب من تريليون دولار، ودربت أكثر من 300 ألف جندي وشرطي أفغاني، وزودتهم بأحدث المعدات العسكرية، وحافظت على قدراتهم العسكرية. وهنا نتساءل مع المراقبين والمحللين : أين هذه القوات ولماذا أخفقت في صد هجمات طالبان ؟ . الاجابة الواضحة تؤكد أن القوات الأمريكية فشلت في تحقيق مهمتها في أفغانستان على مدى حكم خمسة من رؤسائها ، كما أنها فشلت أيضاً في بناء جيش أفغاني قوي. ليس هذا فقط ، بل إن الادرات الأمريكية المتعاقبة أخفقت على مدى عشرين عاماً في اجراء مصالحة سياسية بين نسيج المجتمع الأفغاني المتعدد الأعراق ، لاعادة الاستقرار إلى تلك الدولة التي عانت الكثير من وجود إرهابيين على أرضها لفترات طويلة ، الأمر الذي يؤكد بجلاء أن ما جرى ويجري فى أفغانستان ليس مجرد هزيمة لواشنطن ، بل هزيمة لمشروعها الخاص بمحاولتها بناء نخب موالية لها خارج الحدود وزرعها فى بيئة محلية.

ولهذا ليس بغريب أن تعلن حركة طالبان أنها تنتظر تسليماً سلمياً لمدينة كابول، مع انتقال بعض مفاوضيها إلى القصر الرئاسي للتحضير لانتقال السلطة، فيما أعلن مسؤول أميركي أن أقل من 50 موظفاً أميركياً سيبقون في كابول في الوقت الحالي. وتتزامن تلك التطورات مع ما ذكره شهود عيان بأن ألسنة دخان تخرج من السفارة الأميركية في كابول ربما ناجمة عن إحراق الوثائق المهمة داخلها.

يتفق معظم المحللين على أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، سيفسح المجال لقوى إقليمية تتطلع للعب دور أكبر ولها مصالحها الاستراتيجية مثل الهند وباكستان والصين وروسيا، والتي تستطيع رعايتها وتحقيقها بشكل أفضل في غياب الولايات المتحدة من أفغانستان إلّا أن توسع حركة طالبان يزيد مخاوف الدول الإقليمية خاصة روسيا والصين.
خلاصة القول .. إذا كان الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سوف يحدث- كما يرى البعض – فراغاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً كبيراً فيها ، فإن الحقيقة الثابتة تؤكد فشل الولايات المتحدة في إرساء نظام ديمقراطي على مدار عقدين من الزمن في تلك الدولة.

زر الذهاب إلى الأعلى