طارق متولي يكتب: دعم نفسي
كلنا بسطاء فى الحقيقة وفقراء لله، وهو سبحانه الغنى.. هذه قاعدة إنسانية عامة.
والله سبحانه فضل بعض الناس على بعض فى الرزق لحكمة فى خلقه وجعل منهم أغنياء وفقراء ليختبر كل منهم.. الغنى والفقير على حد سواء.
طارق متولي يكتب: ثقافة “العيش”
وهو سبحانه وتعالى يغير ولا يتغير فالغنى قد يصبح فقيرا والفقير قد يصبح غنيا، والله يفعل ما يشاء وما يريد.
والمجتمع الصحى السليم يتكاتف أفراده لمساعدة بعضهم البعض، فالغنى يساعد الفقير والقوى يساند الضعيف.
وفى هذا الشأن شأن مساعدة الفقراء ينصرف ذهن الناس عامة لتقديم المساعدات المادية ومتطلبات الحياة من طعام وشراب وكساء، وما يسد حاجتهم المادية فى المعيشة، ولكن لا ينتبه أحد لحاجة هؤلاء البسطاء أو الفقراء المعنوية.
وهل فكر أحد بماذا يشعر الفقير وماهى آماله وأحلامه وطموحاته؟! بل ما هو شعوره حينما يتم تصويره فى بعض الأحيان وهو يتلقى المساعدات؟! أو يقف فى طابور وسط المعدمين ليأخذ سلة غذاء أو كساء؟! وكيف يتمنى لو لم يكن مضطرا للوقوف مثل هذا الموقف؟!.
تقريبا لا احد يعرف شعور هؤلاء فلا احد يتكلم معهم أو يسمع لهم، ممن يقدم لهم المساعدة إلا بقدر عرض طلباتهم، والنظر إلى حالتهم وتقديم المساعدة لهم ثم الانصراف عنهم وتركهم.
وما سبق دفعنى للتفكير فى هذا الأمر أننى قابلت أحد البسطاء، ودار بينى وبينه حديث مطول عن حياته وكان قد انتقل من السكن فى إحدى المناطق العشوائية بالتحديد فى عزبة الهجانة إلى المدن الجديدة التى وفرتها الدولة كمساكن بديلة ووفرت بها جميع وسائل الحياة من مرافق جيدة وطرق ممهدة ومبانى حديثة فاخرة.
فرأيته لأول مرة فى حياته سعيدا ويشعر بالفخر رغم أنه لا زال بسيطا وفقيرا يكابد ظروف الحياة فلما سألته عن ذلك قال لى:
“أنا الآن اسكن فى عمارة بها مصعد كهربائي
الآن استطيع أن أطلب طعام بالتليفون وياتى عامل التوصيل إلى عنوانى ببساطة
وقد كان هذا غير ممكن فى مسكتى القديم فى عزبة الهجانة”
وأضاف: “الآن استطيع أن استقبل ضيوفا فى بيتى وكنت لا أستطيع فى السابق أن أدعو أحد لزيارتى لأنى كنت اخجل أن يرى أحد مسكتى القديم”.
وكلام هذا الرجل فى الحقيقة أشعرنى بالخجل من نفسى ومن تفكيرى وأنا استمع لهذا الصديق وكيف أن هذه الأشياء البسيطة التى ربما يراها البعض تافهة أسعدت إنسان يتوق إلى الحياة مثله مثل الآخرين.
وأدركت كم نحن مقصرين تجاه هؤلاء بتفكيرنا فى حاجتهم المادية فقط وتجاهل مشاعرهم وأحلامهم البسيطة فى الحياة بأن يعيشوا ويفرحوا
ويتنزهوا ويحصلوا على بعض الترفيه ويتعلموا فلماذا نقدم لهم المساعدات الغذائية فقط مغلفة بالمهانة أحيانا ؟ لماذا لا نقدم لهم الدعم النفسى كما نقدم لهم الدعم المادى؟! لماذا لا نشاركهم آمالهم وطموحاتهم وأحلامهم ونساعدهم على تحقيقها؟!.. ونكتفى فقط بإطعامهم وكأنهم لا يستحقون غير ذلك. فالدعم النفسى أهم بكثير من الدعم المادى ومقدم عليه.