“تداعيات التمييز والعنصرية في ظل جائحة كورونا”.. تقرير لملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان
كتب- محمد محمود
أصدرت اليوم الثلاثاء 17 أغسطس 2021، وحدة البحوث والدراسات بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، تقريراً حول (تداعيات التمييز والعنصرية في ظل جائحة كورونا).
اقرأ أيضا.. الصحة: تسجيل 107 حالات إيجابية جديدة بكورونا.. و6 حالات وفاة
أكد التقرير على أن ظهور الجائحة قد صاحبه تصاعداً في التمييز العنصري ضد غير المواطنين والأشخاص الملونين في العديد من الأماكن حول العالم، وأن هناك بعض صور الانتقادات في تصرفات بعض الدول تجاه الصين كونها منبع تفشي الفيروس، كما أن أغلب الأشخاص من شرق آسيا تعرضوا للعنصرية والكراهية خارج بلادهم وللتنمر في أحيان أخرى على الرغم من أن بعض صور التعاون الدولي قد سادت في المجال الصحي بين العديد من الدول.
وقد ناقش التقرير عدد من المحاور كان من أهمها:
• مظاهر التمييز والعنصرية الناتجة عن كورونا
جاء بالتقرير أنه مع انتشار جائحة كورونا ظهرت صور للتفرقة والتنمر على أساس دولة تمركز التفشي (الصين) ومنها للشعوب المنتمية للشعوب الشرق آسيوية، أو في الطريقة التي يتعامل بها الشخص المصاب وعائلته، وهو ما أُطلق عليه”كورونا فوبيا- Coronaphopia”.
(أ) التميز والعنصرية تجاه الدول.
فيما يتعلق بالتمييز والعنصرية تجاه الدول أوضح التقرير أن بعض الدول قد تعرضت للعنصرية نتيجة تفشي فيروس كورونا، وعلى رأسها الصين ودول شرق وجنوب شرق آسيا.
وأشار التقرير إلى أن إحدى صور التمييز المستحدثة تجاه الدول في عصرنا هو إطلاق مسميات متحورات فيروس كورونا بأسماء الدول التي ينشأ فيها، مثل “الفيروس الصيني”، “والسلالة البريطانية”، “والسلالة الجنوب أفريقية”، “والسلالة البرازيلية”، والسلالة الهندية”. وكلما تتشكل سلالة جديدة ستضم القائمة دولاً أخرى.
كما أن اكتشافات لقاحات كورونا بالدول المتقدمة تسببت في إحداث فارق في عدالة توزيعها بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبالتالي تأثر الشعوب في الدول النامية لانتقاصات في حقوقها الصحية. وبسبب التدافع الدولي والمنافسة بين الدول الغنية للحصول على تلك اللقاحات، أصبحت الشركات المُصنعة لها تدير ظهرها للدول الغير قادرة على المنافسة في السوق الدولي للحصول عليها.
كما أشار التقرير أنه ليس بعيداً التمييز والعنصرية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في ظل تلك الجائحة التي تضيق أنماط الحياة لهم تحت الإحتلال الإسرائيلي. تستغل الحكومة الإسرائيلية تفشي الفيروس في الأراضي المحتلة كأداة ضغط للرضوخ لمطالب الاحتلال.
وجاء بالتقرير أنه للتخفيف من حدة الفوارق في الوصول إلى اللقاحات بين الدول الغنية والنامية، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء آلية “كوفاكس” كمبادرة لتسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19 بشكل منصف لكل الدول (وتُدعى مسرّع الإتاحة ACT).
(ب) التمييز والعنصرية تجاه الأشخاص
فيما يتعلق بالتمييز والعنصرية تجاه الأشخاص جاء بالتقرير أن أبرز حالات العنصرية الموجهة للأشخاص تظهر في الدول التي تزداد بها أعداد الإصابات مثل إيطاليا والصين والولايات المتحدة الأمريكية ، كما يتعرض الصينيون وذوى الملامح الآسيوية لبعض صور العنصرية الشخصية وللتنمر الإلكتروني وذلك في خطابات الكراهية والمنشورات المنسوبة لبعض السياسيين والإعلاميين ، وتظهر في الصين أيضاً بعض صور التفرقة والابتعاد عن مواطني مقاطعة ووهان في الأقاليم الصينية الأخرى.
الجدير بالذكر أن الخوف من المرض قد تحول إلى اضطهاد الشخص المريض وأسرته، وتتغير نظرة المجتمع والدوائر القريبة لهم، فأي صلة اتصال بالشخص المصاب أضحت تسمى بـ”وصمة العار الاجتماعية”.
وتلعب العنصرية أيضاً دوراً في المخاطر الصحية، فالضغط الناتج عن التعامل مع التمييز العنصري يمكن أن يكون له تأثير سلبي ويسبب الشيخوخة المبكرة .
مع بدء الحكومات في جميع أنحاء العالم في إعادة فتح الحياة العامة وتخفيف القيود والحجر الصحي، تنشأ مجموعة واسعة من قضايا ومخاوف حقوق الإنسان والتي يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التمييز العنصري أو الآثار السلبية على الجماعات والجماعات العرقية. وتشمل هذه القضايا تطوير التطعيم، واختبار الوصول من خارج الحدود والبروتوكولات؛ وحصانة جوازات السفر؛ أدوات المراقبة والتتبع؛ المعاملة التمييزية للناجين من الفيروس؛ وسياسة الهجرة وإدارة مراقبة الحدود. هناك أيضًا مخاوف متزايدة بشأن سبل العيش الاقتصادية والتهميش المستمر للأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعات طبقية ومجتمعات عرقية وإثنية في مجالات التوظيف والصحة والتعليم والإسكان.
• الجهود العالمية لمكافحة تداعيات كورونا
فيما يتعلق بالجهود العالمية لمكافحة تداعيات كورنا فقد أوضح التقرير تلك الجهود على المستوى الشخصي ، والتحركات على المستوى الداخلى ، فضلاً عن جهود المنظمات الدولية في مواجهة تداعيات العنصرية وذلك كما يلى :
أولاً : على المستوى الشخصي
جاء بالتقرير أن العديد من الأفراد لجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي ووقف حوادث الكراهية، مع انتشار هاشتاج #IoNonSonoUnVirus على وسائل التواصل الاجتماعي في إيطاليا طوال الأزمة، بينما انتشر #IAmNotAVirus. في البلدان الناطقة بالإنجليزية، و #YoNoSoyUnVirus في البلدان الناطقة باللغة الإسبانية. تم تقديم #IkChinees من قبل المجتمع الصيني في هولندا، حيث شجع الناس على طلب الطعام في المطاعم الصينية والتقاط صورة شخصية ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام الهاشتاج.
ثانياً: تحركات على المستوى الداخلي
أوضح التقرير أن بعض البلدان اتخذت إجراءات للدلالة على أنه حتى في الاستجابة لأزمة عالمية يمكن تبني قيم ومبادئ راسخة ، وعلى سبيل المثال ما يلى :
• في إسبانيا يسعى التعاون الذي تم إطلاقه بين المجلس الأسباني للقضاء على التمييز العرقي أو العنصري ومنصات التحقق إلى مكافحة انتشار الأخبار المزيفة المتعلقة بفيروس كورونا وخطاب الكراهية حول المجتمع الإيطالي على وسائل التواصل الاجتماعي.
• في مدينة لوزان بسويسرا تم إنشاء نقطة معلومات للاستجابة لإحتياجات المهاجرين في مجموعة متنوعة من القضايا المتعلقة بالوباء- بما في ذلك العنصرية.
• في نيويورك تنظم لجنة المدينة لحقوق الإنسان ورش عمل تعليمية مجانية حول حقوق الإنسان والإلتزامات بموجب القانون، خاصة في المجتمعات التي تواجه مستويات عالية من التمييز والمضايقات والتحرش.
ثالثا: جهود المنظمات دولية
أشار التقرير أن المنظمات الدولية كانت نشطة أيضاً في مواجهة تداعيات العنصرية،وعلى سبيل المثال:
• أطلقت المنظمة الدولية للهجرة حملة على وسائل التواصل الاجتماعي في المكسيك لإطلاع المواطنين على أهمية تجنب خطاب الكراهية وكراهية الأجانب أثناء حالة الطوارئ المتعلقة بفيروس كورونا.
• أصدر مكتب الأمم المتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية مذكرة إرشادية شاملة توفر إرشادات للدول الأعضاء والمجتمع المدني ووسائل الإعلام والجهات الفاعلة الأخرى ذات الصلة مثل القادة الدينيين والمدنيين وأصحاب النفوذ للتصدي لـفيروس كورونا ومكافحة أي حديث يحض على الكراهية.
وأكد التقرير في النهاية أنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به للحفاظ على سلامة مبادئ المساواة وعدم التمييز ومكافحة وصمة العار الاجتماعية وخطاب الكراهية
لقد أصبح هناك حاجة أساسية للعديد من الإجراءات الأخرى في هذا الوقت من الأزمة. ويشمل ذلك المعلومات المستندة إلى الحقائق، وحملات التوعية الوطنية التي تستهدف الجمهور لتقويض المعلومات الخاطئة والمضللة، وتوفير التوجيه والتدريب المتخصص للسلطات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني لضمان أن أولئك الذين لهم دور في حماية الحقوق لديهم القدرة على معالجة المشكلة.