د. قاسم المحبشي يكتب: في معنى الهوية السياسية وقيمتها
السياسية هي تدبير الشأن العام في حاضر الناس وواقعهم الفوري المباشر، بمعنى تأمين شروط حياتهم الضرورية واشباعها ومنها: الهواء، والماء، والغذاء، والمأوى، والكهرباء، والصحة، والتعليم، والطرق، والمواصلات، والاتصالات، والأمن، والأمان، والعدل، والحرية، والعمل، والنظام، وكل خدمات الحياة الاجتماعية المدنية التي توفر الحد الأدنى من ممكنات العيش الكريم لجميع المواطنيين المقيمين في البلد المتعين.
والسياسي الذي يحدث الناس عن التاريخ أو الثورة أو المستقبل لا يفهم ألف باء السياسية، وليس جدير بالمهمة كان من كان وفي أي زمان ومكان، ولا مجال في السياسة لبيع الاوهام وتفسير الأحلام لمن يفهم الكلام، وهكذا يعاود سؤال السياسي والسياسة في المجتمع العربي الحضور كالجرح النازف، ذلك لأن السياسة هي الزمن الذي لا يمر وليس بمقدور أحد تجاوز استحقاقها أبدا.
والسياسة تؤثر في حياة الناس بأشد مما تؤثر فيهم تقلبات الظروف الطبيعية: (المناخ والحر والبرد والخصب والجدب والعواصف والفيضانات والزلازل والبراكين …إلخ) حسب فاليري.
وما نعيشه اليوم من شرور الفساد السياسي في غير قطر عربي في (فلسطين والعراق وليبيا وسوريا ولبنان واليمن والصومال وغيرها لا يقاس بأي حال من الأحوال بما يمكن أن تفعله أي كوارث طبيعية محتملة.
وفي عالمنا المعاصر – عالم الهويات السياسية أي الدول المستقلة- ليس هناك من مصيبة يمكنها أن تصيب الأفراد والجماعات والشعوب بافدح من خراب دولتهم وضياع مؤسستهم الوطنية الجامعة وفقدان سيادة بلدهم التي تمنحهم الهوية والقيمة والكرامة.