رشا ضاحى تكتب: رحلة (١١) القابض الباسط 

تمضي رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن اسمي القابض الباسط
وهذان الاسمان من الأسماء المزدوجة :
لأنك إذا قلت قابض فقط فمعنى ذلك أنك تصفه بالمنع والبخل و لكن إذا قلت إنه قابض باسط ،
وجمعت بين الاسمين فقد وصفت الله سبحانه وتعالى بالقدرة والحكمة .
فالأدب في هذين الاسمين أن يُذكرا معا
ورد اسمي الله القابض والباسط في القرآن بصيغة الفعل فقال الله عز وجل:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
سورة البقرة (٢٤٥)
لكنهما وردا صراحة في السنة النبوية الصحيحة؛ فعن أنس بن مالك، قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله قد غلا السعر فسعر لنا، فقال: “إن الله هو المسعر، القابض الباسط الرازق”
وقد ذكر العلماء أن معنى هذين الاسمين :
الباسِطُ سبحانه : هو الذي يَبْسُط الرزق لعباده بجُوده ورحمته ، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته.
والقابِضُ سبحانه : هو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العِبادِ بلطفه وحِكمته فيُضَيِّقُ الأسباب على قوم ويُوَسِّع على آخرين ابتلاء وامتحانا ، فإن شاء وسع وإن شاء قبض فهو الباسط القابض .
فإن قبض كان ذلك لما تقتضيه حكمته الباهرة .
و قال السعدي رحمه الله: “(القابِضُ الباسِطُ):
يَقْبِضُ الأرْزاقَ والأرواحَ، ويَبْسُطُ الأرزاقَ والقلوب، وذلك تَبَعٌ لِحكْمَتِهِ ورَحْمَتهِ”.
قال ابن القيم:
هو قابِضٌ هو باسِطٌ هو خافِضٌ
هو رافِعٌ بالعَدْلِ والميزانِ
هو خافضٌ هو رافعٌ هو قابضٌ
هو باسطٌ تَهِبُ العطاءَ يداهُ
ثمار الإيمان بهذين الاسمين كثيرة ومنها :
إدراك سعة رحمة الله تعالى فقد روى مسلم عن
أبي موسى رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( إِنَّ اللَّهَ عزّ وجلّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ).
ومن هنا كان أعظم البسط  بسط الرّحمة على القلوب، حتّى تستضيء وتخرج من ظلمة الذّنوب
أن يوقن العبد الذي حرم شيئا من الدنيا ، ولم يقدر له مع السعي في تحصيله أن اختيار الله له خير من اختياره لنفسه فكم من عطاء كان سببا للشقاء  .
ينبغي لمن أنعم الله عليه بالبسط في المال أو العلم والجسم أن يؤدي زكاة تلك النعم
قال القرطبي :
فَإِنْ كُنْتَ مَبْسُوطَ القَلْبِ بالمَعَارِفِ، والحَقِيقَةِ والعُلُومِ الدِّينِيَّةِ، فَابْسُطْ بِسَاطَكَ، وابْسُطْ وَجْهَكَ، واجْلِس للنَّاسِ حَتَّى يَقتَبِسُوا مِنْ ذَلِكَ النِّبْرَاسِ.
وإنْ كُنْتَ ذا بَسْطَةٍ فِي الجِسْمِ، فابْسُطْهُ فِي العِبَادَةِ التي تُفْضِي بِكَ إلَى السَّعَادَةِ،
وإِنْ كُنْتَ ذا بَسْطٍ فِي المَالِ، فابْسُطْ يَدَكَ بالعَطَاء .
حتى نلتقي دمتم في رعاية الله

زر الذهاب إلى الأعلى