أحمد عاطف آدم يكتب: فرائس وذئاب فيسبوكية ( ٤ )
نعم كل هذا صحيح صديقي الكاتب، أن زوجتي تتمتع بكل ما هو جميل من الخصال الحميدة مثل حميمية العطاء، ونكران الذات والتضحية بشكل لا يصدق.
ولن أنسى يوم أن تَخَفَّتْ من العاملين والحراس أسفل سرير المستشفى العام، الذي كنت أرقد به حتى تظل بجانبي رغم عدم سماح الإدارة بوجود مرافق أثناء استئصالي للزائدة الدودية.
وهي أيضا من تحملت ضغوط فقري الخانق وأيام شدتي وعوزي، وبأقل القليل كانت تعيش وبأبسط الأعذار كانت تبتسم دون ضجر، لكن لا أعرف ماذا حدث لي بعد استقراري في تجارتي وتوسعها وانتشارها بجميع المحافظات.
لكن بدأ الفراغ يحاوطني من كل اتجاه، وللتغلب على هذا الداء أصبح هاتفي المحمول لا يترك يدي، أتابع عملي بواسطته تارة وأرد علي صديقتي الفيسبوكية تارة أخري وكأنها أصبحت زوجتي الثانية – لا أعرف لماذا!؟.
وأعتقد أن “ولاد كاري” التجار يعانون من نفس ظروفي تقريبا، وربما تجد معظمهم زبائنًا دائمين علي تلك المواقع، يعيشون أجواءًا متأرجحة بين الرضا بزوجاتهم بنات الأصول ممن سطَّرنَ معهم رحلة كفاح من بدايتها وبين الميل لخوض تجربة عاطفية جديدة لأسباب مختلفة.
وأنا أعترف يا صديقي بأن معظم تلك التجارب وهمية لا ترتقي لدرجة الحب بمعناه السامي.
وأما في الجهة المقابلة فهناك صراعًا من نوع آخر بطلاته نسوة يعشن في حيرة مماثلة بين القناعة الممزوجة بالخضوع البائس لتجارب فاشلة مرَرنَ بها مع أزواجهن، وبين ندب حظوظهن التعسة بصوت عالِ ينتظر سماعه أمثالي علي تلك الجروبات ليبدأوا معهن من أول السطر،، سطر متعرج لا تعترف به الأصول التي نشأوا وتربوا عليها.
وصديقتي “ن” بعد إصراري علي إرسالها صورة لوجهها الحقيقي الذي استبدلته بأخر لطفلة باكية علي الفيس بوك، أرسلتها لي في النهاية،، سيدة جميلة أو كما يقولون “بدر منور”.
وعلي الفور ودون تفكير وجدتني أقارنها بوجه زوجتي أم العيال، والحقيقة أن “ن” تكسب يا صديقي، ليس فقط لجمال وجهها بل لرقة صوتها وعذوبته أيضا.
وبعد أن تطور الأمر وأُعجب كلا منا بالآخر ثم وافقت علي الحديث معي صوتيا، هذا اليوم لن أنساه، كان شتويا قارصا، وبينما زوجتي كانت تستعد لصلاة الفجر كنت أنا كعادتي أمر مرور غير الكرام بين مواقع الشبكة العنكبوتية.
الساعة تقترب من الرابعة صباحا.. استيقظت زوجتي وعرضت عليَّ كعادتها اليومية بأن تعد كوب شاي بالحليب لي وأنا أرفض، ومن المؤكد أنه بدا على رفضي نبرة انشغالي بشاشة هاتفي دون أن ألتفت عن الشاشة أو أنظر إليها، حيث كنت أنظر لصورة “ن” وأستعد لاستقبال مكالمتنا الأولي.
.. وللحكاية بقية.