نرجسية رجل أم منهج حياة ؟!

كتبت: أسماء خليل


انهالت علينا بالآونة الأخيرة مجموعة من “فيديوهات اليوتيوب” التي تتحدث عن الرجل النرجسي وصفاته وضرورة الفرار منه، وذلك من خلال متخصصين أو بعض النساء اللاتي خُضن تجربة الزواج من نرجسي؛ لكن إذا ما تعمقنا بفكر فلسفي ومرَّرنا ما يتم طرحه على العقل والمنطق هل سنجد حقًا أن كل ذلك الطرح صحيحًا أو مناسبًا؟! .

يهمك.. مرض الرجال الذى أصاب وجدان زينب
إحقاقًا للحق أقول إن أصحاب الطرح من المتحدثين سواء لجأوا فى طرحهم للشكل العلمي أو اكتفوا بعرض تجاربهم الشخصية ولهم تحية من المجتمع لما يقومون به من دور توعوي للمرأة على وجه الخصوص؛ ومع تمسكى بأن النرجسية هي صفة أقرب التصاقًا بالرجل، لكن تبقى تلك الدعاوى لها ما لها، وعليها يؤخذ الكثير، مثل أنها تقوم بشحن المرأة نفسيًا ضد الرجل.
إنَّ فرار المرأة من الزوج النرجسي فكرة يشوبها كثير من الأخطاء الفكرية والعقائدية؛ إذ لابد أن نُسلم جدلًا أن النرجسية لها درجات متفاوتة؛ فالرجل الذي يهمل زوجته، نرجسي، والرجل الذي يعرف أخرى وهو متزوج، نرجسي، والرجل الذي يتعصب لأتفه الأسباب نتاج متاعبه الشخصية بالعمل نرجسي، والرجل الذي لا ينادي المرأة بما تحبه من أسماء نرجسي…. مرورًا بكل الدرجات وصولًا للرجل الذي يتطاول على زوجته بالضرب،.
واسمحى لى سيدتي أن أدعوكِ لإحضار ورقة وقلم ولتخصصي صفحة لكل رجل ربطتكِ به أي علاقة عن قرب سواءًا كان زوج خالتكِ أو عمتكِ أو أخ لكِ أو جار أو مديركِ بالعمل…. إلخ، الأهم أن تكون معرفتكِ بهم بشكل مباشر، ومطلعة على حياته.. ولتكتبي كل المواقف التي جمعت كلٌ منهم بزوجته وأسلوب تعامله معها، وسجلي استنتاجاتكِ عن ذلك.. ثم تعالى لنقرأ استنتاجتك.
حقا سَتُذهلين من قدر النرجسية الذكورية تجاه المرأة، للأسف الشديد إن المجتمع بطرق غير متعمدة في التربية أنتج لنا رجالا نرجسيين بدرجات متفاوتة.. والآن.. هل ندعو تلك المرأة القوية الذكية الأقوى في مواجهة الحياة الصابرة على تحمل متابعها للانفصال عن ذلك الزوج ؛ لتجد نفسها قد مزقت أوصال أسرتها وألقت بنفسها في أحضان مجتمع نرجسي كامل مرورا بمن سيعولها بعد زوجها إلى رجل نرجسي آخر قد طلق امرأة أخرى تركته بسبب نرجسية،،
أين المنطق في تلك التصرفات العشوائية؟!.. نعم إن الدين يطالب الزوج الذي أهان زوجته بلفظة واحدة تجرح كرامتها هي وأهلها بالطلاق.. كعادة الدين في إنصاف المرأة؛ ولكن الله تعالى يقول “ادفع بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” من سورة فصلت الآية ٣٤.. وهذا الذي بينك وبينه عداوة دعاك الله أن تعامله كأنه وليٌ حميم وهو أجنبي.. فما بالنا بالزوج وهو أقرب الناس للمرأة..
إنها دعوة للتسامح.. دعوة للمودة.. تَكُون المرأة بها هي البطلة صانعةً من خلالها أعظم امبراطورية عرفها التاريخ من احتواء الفكر المُعوَّج لبعض الرجال.. محاولةً تعديل سلوك ذلك الرجل حتى وإن كان سيظل صورة داخل برواز ينظر إليه الأبناء فتستقيم حياتهم،،
إنني لن أدعوكِ سيدتي بتقبل سخافات بعض الأزواج التي تصل إلى حد الإهانة وتهميش دوركِ بالحياة وتظلي مكتوفة الأيدي؛ بل أدعوكِ لمحاولة اختلاق حياة بنظرة جديدة؛ فإذا كان شريككِ بتلك الصفات وقد استنفذتِ ما لديكِ من محاولات لتقويم اعوجاجه وباءت بالفشل؛ فحتمًا لن يكون المجتمع أحن على نفسكِ وأولادكِ من ذلك الزوجٍ الظالم، وإذا كان العلم يصنف النرجسية على أنها مرض نفسي؛ فصبرًا على الابتلاء ،،
انهضي.. لا تستسلمي. الأقوى هو من يصمد لا من يفر.. واعلمي أن الله لكِ وكفى..اذكريه كثيرًا.. قومي بعمل مشروع صغير من منزلك لتكوني أقوى في مواجهة مشاكلكِ الزوجية وتجدين متنفسًا لها.. مارسي هواياتكِ.. قومي بوضع أهداف معينة بما فيها تربية أولادكِ أفضل تربية؛ وابدئي بالتنفيذ.
ما أسهل الطلاق سيدتي وما أصعب الحياة الغير مستقرة!.. فقط كلما أصابكِ اليأس وقلَّ تحملكِ تذكري أن حُسن تبعُل الزوج يعادل الجهاد في سبيل الله، ويا حبذا لو أن الزوج صعب المِراس،،
أن تكوني داخل السباق وتنحني قدمكِ تارة وينكسر أصبعكِ تارة أخرى متأرجحةً ما بين الفوز والخسارة حتى وإلَّم تحصلي على الميدالية الذهبية؛ خيرًا من تكوني في صفوف المشاهدين ولا تصلين أبدًا.

زر الذهاب إلى الأعلى