طارق متولي يكتب: ذئب من المشاهير

كثير من الفتيات يبحثن عن الشهرة والنجومية فى التمثيل والغناء.
خاصة إذا اكتشفت بعضهن أنها تملك صوت جميل، أو موهبة حقيقية، وقد يتوهم بعضهن هذه الموهبة أو هذا الصوت الجميل، وعبّر عن هذا الكاتب الساخر، محمود السعدنى، رحمة الله عليه بوصفه الجميل: “الموهوبون والموهمون”.

طارق متولي يكتب: دعم نفسي
هذا الأمر يعرفه المنتجون والمخرجون، ونجوم الفن فى التمثيل والغناء والتلحين، فهم وحدهم يتلقون آلاف المكالمات والمقابلات والطلبات من الفتية والفتيات، والشبان والشبات، الساعين والساعيات إلى اكتشاف مواهبهم، ومواهبهن، والحصول على فرصة للنجومية والشهرة.
لكن للأسف فأن نفر من العاملين فى الوسط، فى الحقيقة ينتهز فرصة تهافت الفتيات الصغيرات على الإتصال بهم، للتعارف، وطلب المساعدة للوصول للشهرة، ويستغلونهن أسوأ استغلال، ومن هؤلاء من يبتز الفتيات ماديا، ومنهم من يبتزهم معنويا وجسديا.
وفى الآونة الأخيرة سمعنا كثيرا عن عقود الاحتكار بين مطربين معروفين وشركات إنتاج، وعرفنا كيف يتحكم صاحب شركة الإنتاج بأمواله فى صاحب، أو صاحبة الموهبة ويقاسمه موهبته بل يأخذ النسبة الأكبر من عائد عمل الفنان الشاب أو الشابة، وخاصة فى مجال الغناء، والأخيرون ليس بيدهم حيلة ولا قوة، فهم فى البداية غير معروفين ولا يجدوا طريق آخر يصلوا من خلاله للجمهور والنجاح إلا من خلال أباطرة الأموال والإنتاج.
وتقف هذه المعضلة عائقا كبيرا أمام نجاح عدد كبير من المواهب الحقيقية التى لا تقبل الابتزاز وتنسحب محبطة من المجال.
وفى الواقع صادفتنى حكاية من حكايات هذا الابتزاز بطلتها شابة صغيرة كانت تغنى ضمن كورال الأوبرا، وتحلم بأن تكون مغنية مشهورة ونجمة من نجوم الغناء، وصادفها فى طريقها ملحن شهير عٌرف عنه كثرة زواجه
من المطربات الصاعدات، ويكون هذا الزواج بمثابة عقد احتكار لهذه الموهبة وضمان الاستفادة من نجاحها وشهرتها فى المستقبل، مستغلا موهبته فى التلحين وعلاقته بكبار المطربين والمطربات وبسوق الفن بصفة عامة، وبالطبع ينتهى هذا الزواج بانتهاء المصلحة.
وأخبار هذه الزيجات لهذا الملحن معروفة ومتداولة لجميع من المطربات فى بداية طريقهم الفنى .
والشابة الصغيرة لديها صوت حسن وموهبة فى الغناء، وقد وعدها الملحن الذئب باكتشافها، وعمل ألبوم غنائى لها، ولما كان فارق السن بينهما كبير جدا، وباقى الأمور التى تخص سمعة الملحن العجوز، ذهب والد الفتاة الشابة لمقابلته للتحقق من الأمر، فإذا بالملحن يؤكد كلامه عن استعداده لإنتاج ألبوم، ولكن بعد أن يوقع الوالد شاهدا على عقد احتكار هذا الملحن لصوت الفتاة وإنتاجها وسائر عملها لمدة كبيرة من الوقت، هذا بالإضافة لبنود كثيرة تقيد الفتاة وتجعل لسيادة الملحن التحكم فيها وطلبها فى أى وقت ليلا أو نهارا، بدعاوى مختلفة.
وأخر شروط العقد، كان شرطا جزائيا قيمته مليون دولار، تدفعها الفتاة الشابة، إذا أخلت بأى شرط من شروط التعاقد.
ولما كان الوالد لا يستطيع أن يقبل بمثل هذه الشروط لابنته أو لنفسه رفض ولم يتم التعاقد واصيبت الفتاة بالإحباط، وهيأ لها شيطانها أن أبوها يقف حجر عثرة فى طريق نجاحها.
وظلت الفتاة على اتصال بهذا الملحن العجوز دون علم أهلها، وظل الأخير يمنيها ويحاول الإيقاع بها ويستقبلها فى مكتبه حيث تشاهد كبار المطربين وتنبهر بهم وتحلم بأن تكون يوما فى مثل نجوميتهم ونجاحهم.
والسؤال: من يحمى مثل هذه الفتاة الحالمة، والموهبة الشابة؟.. ولماذا لا يكون هناك قانون يحكم هذا العمل، وهذه التعاقدات، ويحكم شركات الإنتاج.. قانون يحكم عمل المنتجين والملحنين والنجوم ويضمن حقوق الجميع .
ولماذا لا تقوم الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة، والنقابات بتبنى المواهب وحمايتها من الإبتزاز؟
ولماذا لا نحمى الفتيات الصغيرات من ذئاب المشاهير، ونفتح لهن القنوات الشرعية لإبراز مواهبهن الفنية (فقط) ونوفر على المجتمع مآسى ومشاكل كثيرة نحن فى غنى عنها؟
فمستقبل الشباب والفتيات هو مستقبل الوطن .

زر الذهاب إلى الأعلى