قصة كفر “صلاح أيوب” القبطي الذي تبرع بأرضه لبناء مسجد
كتب- إسلام فليفل
تُعد الوحدة الوطنية من أسمى الصفات التي اشتهرت بها مصر أمام العالم، ولها ما يميزها من هذا الجانب بشكل بارز ومستمر لا يمكن إنكاره، وأنه مهما اختلفت الاتجاهات وتعددت الانتماءات تجد المصري بشكل خاص من أكثر الشعوب التي تُعزز توحيد قيمة الوحدة الوطنية بين المواطنين “المسيحيين والمسلمين”، ولا سيما أن مصر مرت ببعض الفترات التي شهدت فيها توترا وتفريقا لهذه الوحدة إلا أنها قاومتها لتعود كما كانت.
يهمك.. تعامد الشمس على كنيسة الملاك ميخائيل ثلاث مرات في العام.. وفريق الترميم يكشف السر
وقد ظهر هذا في كثير من المواقف التي مرت بها مصر، وعلى سبيل المثال، الاحتلال البريطاني عندما جاء إلى مصر وأراد هدم هذه الوحدة، فاتبع سياسته الشهيرة “فرق تسد” بين المصريين وبعضهم البعض ليفرق بين الشعب الواحد ويضعفه.
ولكن في كل موقف على رغم مما تمر به من صعوبات وتشتت وانهيار في الفتن الطائفية، تُفاجئنا مصر أنها مازالت تحافظ على وحدتها الوطنية بين أفراد شعبها، وهذا ما رأته “بيان” في رحلة اكتشافها ولم تبد استغرابها وقتها عندما وجدت “مسجدًا” قام ببنائه والتبرع بكل ما يلزمه رجُل قبطي.
في وسط بقعة خضراء كبيرة بين أجواء ريفية مميزة، يوجد كفر صغير ينتمي إليها يطلق عليه “كفر صلاح أيوب” التابع لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية.
قصة الكفر التي لم يعرفها الكثيرون، وأرادت “بيان” كشف تفاصيلها، حيث واجه أهل الكفر قديمًا مُعاناة من عدم وجود مسجد بينهم ليقيموا فيه شعائر دينهم، أو إقامة صلاة جنازة على من يتوفاه الله، فكانوا في اضطرار دائم لقطع المسافات مشيًا على أقدامهم من الكفر إلى كفر آخر بجانبهم ليمارسوا شعائرهم الدينية، أو حاملين “النعش” على أكتافهم لعدد من الكيلو مترات ليصلوا على من فيه صلاة الجنازة، فكانوا دائمًا في مواجهة جهد كبير مبذول؛ بسبب عدم وجود مسجد واحد على الأقل بينهم.
طالب أهل الكفر كثيرًا ببناء مسجد، ولكن لم يستجيب أحد، ولم يكن في وسع أهل الكفر جميعًا حتى القدرة المالة على بنائه أو جمع المال لإقامة المسجد، ولكن في مشهد آخر كان هناك “صلاح عوض أيوب”، دكتور العيون القبطي، الذي يرجع بداية أصله لهذا الكفر الصغير، ولكنه يقيم الآن بمحافظة القاهرة.
والذي اكتشفته “بيان” بعد نزولها وسط أهل الكفر، أن اسم الكفر “صلاح أيوب” يرجع نسبة إلى اسم هذا الدكتور، وأنه ليس صدفة أن يكونا بنفس الاسم، وأنه هو من تبرع بأرض المسجد كاملة من حق أرضه، وكل المبلغ الذي احتاجه المسجد منذ بداية المشروع في بنائه حتى وضع آخر شيء فيه، عندما علم باحتياج أهل منطقته المسلمين لهذا المسجد لإقامة شعائر دينهم، وأنهم يحملون شيئًا من المشقة عندما يريدون ممارسة دينهم في بذل جهد لقطع المسافات للوصول إلى مسجد آخر.
وأضاف الحاج محمد، أحد سكان الكفر، الذي تطرقنا للنقاش معه حول المسجد قائلا: “بعد المسجد ما خلص بكذا سنة كنا عايزين مساحة تاني من باقي الأرض بسبب إننا محتاجينها عشان نبني فيها محطة للمياه عشان أهل الكفر، فوصلنا لدكتور صلاح وكلمناه إنه يبيع قطعة من أرضه وإحنا هنلم التبرعات من الأهالي ونشتريها، ولكنه رفض في البداية وعندما علم بأنها توسعات للمسجد، مترددش بعدها إنه يسيب المساحة اللي المحطة محتاجاها من غير ما يأخد أي مقابل وكانت بتبرع كامل منه بكل احتياجاتها مرة تانية زي ما عمل في المسجد قبل كدا”.
وأشار عم “سالم” أحد العاملين بالمسجد عن بداية بناء المسجد الذي يرجع إلى السبعينات، وأنه تم إضافة للأوقاف سنة 1993، وشهد التجديد به والتوسعات الذي قامت عليه عام 2000، وأضاف بقوله إن أول إسم للكفر كان كفر النصارى، نسبة لأن معظم أهله نصارى، وبعد بناء المسجد كان أهم حدث لهم في الكفر، ليتم تغير إسمه بعدها ليصبح “كفر صلاح أيوب” نسبة لإسم الدكتور “صلاح أيوب” القبطي الذي تبرع بكامل بناءه.