رشا ضاحي تكتب: رحلة (١٢) الشافي

تمضي رحلتنا مع أسماء الله الحسنى ونتحدث اليوم عن
اسم الله عز وجل { الشافي}
لم يرد اسم الشافي في كتاب الله تبارك وتعالى على سبيل التسمية لله جل شأنه ولكن جاء الفعل يشفي فيما قصه الله تبارك وتعالى على لسان ابراهيم عليه السلام:
{وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (الشعراء:80)،
وفي قوله سبحانه وتعالى:
{وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (التوبة:14)
لكن اسم (الشافي) ورد فيما صح من حديث
رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :
(اللهم رب الناس، مذهب الباس، اشف أنت الشافي،
لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقماً)
ومعنى الاسم الكريم أن الله سبحانه وتعالى
هوالشافي الحقيقي لأمراض الأبدان، والقلوب، والنفوس، والأرواح، لا شفاء إلا شفاؤه، ولا يكشف الضر، ويرفع البأس، ويدفع العلة إلا الله تبارك وتعالى،
فلا يأتي بالخير، والحسنات إلا هو .
وهناك بلاغة قرآنية في قوله
﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾
فهذه الآية الكريمة من كتاب الله سبحانه وتعالى جاءت على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام وهو يتحدَّث عن فضل الله، ولقد أكَّدها بالضمير “هو”؛ ليُظهر معنى عظيمًا، وهو أن غاية الشفاء هي من عند الله ولو اختلفت الوسائل والسبُل الموصِّلة إليها.
ومن أثار الإيمان باسم الشافي سبحانه وتعالى:
اعتقاد أن الشافي الحقيقي هو الله، فيجب أن يترسخ هذا الأمر في قلب الإنسان، فلا يتشتت قلبه، ويتفرق عليه، ويظن أنه يحصل على مطلوبه عند المخلوقين الضعفاء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعاً، ولا ضرًّا،
فربنا وحده هو المتفرد بالشفاء فهو الذي يشفي جميع الأسقام، والأمراض النفسية، والقلبية، والبدنية.
أما الدواء، والطبيب فغاية ما هنالك أنهما من جملة الأسباب التي قد تتخلف إذا لم يرد الله جل شأنه كشف الضر، ورفع البلاء،
وقد يحصل الشفاء من غير سبب يباشره الآدمي، كم من إنسان تم شفاؤه دون سبب مباشر .
قال ابن القيم رحمه الله
من أعظم علاجات المرض : فعل الخير، والإحسان، والذكر، والدعاء، والتضرع، والابتهال إلى الله والتوبة، ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية، ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها، وعقيدتها في ذلك ونفعه .
وشفاء الإنسان أو بقاؤه على مرضه غَالَبَا ينبع من نفسه وحده فإذا تملكتنا أفكار الشفاء والتفاؤل وحسن الظن بالله تم شفاؤنا بإذن الله ، وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نكون مرضى
جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم
زار أعرابيا مريضا يتلوى من الحمى فقال له مواسيا
مشجعا ( طهور )
فقال الأعرابي : بل هي حمى تفور ، على شيخ كبير ، تورده القبور .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فنعم إذاً )
كما أرشدنا نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى أن نسأل الله العافية دائما
فعن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله؛ علمني شيئاً أسأله الله عز وجل، قال: سل الله العافية، فمكثت أياماً ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة.
جاء في شرح هذا الحديث أن في أمره صلى الله عليه وسلم للعباس بالدعاء بالعافية بعد تكرير العباس سؤاله بأن يعلمه شيئاً يسأل الله به، دليل جلي بأن الدعاء بالعافية لا يساويه شيء من الأدعية، ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يُدعى به ذو الجلال والإكرام.
حتى نلتقي دمتم في رعاية الله

زر الذهاب إلى الأعلى