أسماء خليل تكتب: محمد رمضان بين النوايا الحسنة والدكتوراة الفخرية

 

يمر علينا – كل بضعة أعوام – شخصٌ يصبح ظاهرة، ودون شك يكون ذلك الشخص ناجحًا في عمله حتى إذا تخلَّل نتاج ما يقدمه للمجتمع بعض الإخفاقات.

لا يخفى على القارئ والمستمع وغيرهما ما مثَّله محمد رمضان بالآونة الأخيرة من مثوله للقضاء الاجتماعي الذي يحاكمه كل ساعة بالعديد من الاتهامات والإدانات، وما يدعم تلك القضية لتصبح ظاهرة هو ردوده على هؤلاء الناس بكلمات وصور “مُستفزة”.

ما بين تنمر على سُمرة بشرة لون ابنه، وقسمات وجه أخته التي كان عليها أن تدفن نفسها لكي يرضى الناس، وصورهِ مع أشخاص إسرائيليين ربما كانوا معجبين وهو لا يعلم هويتهم، مرورًا بفلمين بهما بعض العنف أو “البلطجة” قام بهما في أول حياته ثم اعتذر عنهما، وصولًا لمنحه شهادة الدكتوراة الفخرية.

ليس من شأننا الدفاع أو الهجوم، ولكن ربما يأتي على المرء بعض الأوقات يريد فقط إحقاق الحق لأهله؛ حتى وإن كانوا – في بعض حينٍ – ليسوا أبرياء.

لقد منح نادي الطيران في العام ٢٠١٤ السيدة فيفي عبده الراقصة الشهيرة لقب الأم المثالية، كما تم منح “قاسم عبدالرحيم حسن موسى”، الشهير بشعبان عبد الرحيم المطرب الشعبي الشهير منصب سفير النوايا الحسنة، ولا يخفى على أحد مدى التردي الذي آلت إليه الأغاني الشعبية بسبب ما قدمه أولئك المطربين.

وإذا كلَّفت نفسك قليلًا وبحثت عن كل من حصل على العديد من الشهادات والألقاب الشرفية والفخرية؛ ستجد من بينهم بعض الفنانين الذين قاموا بالاشتراك في أفلام المقاولات، تلك التي أثرت بالسلب على الأخلاق والقيم وأدت إلى انحدار السينما المصرية بعدما كانت تقدم الموعظة الحسنة للمتلقي أمثال كثير من أفلام يوسف بك وهبي.

 

 

إن شئت فلتقل “ازدواجية المعايير”.. فكثيرٌ من المطربين والمطربات يرتكب الخطيئة، من الغناء على المسرح بشكل لا يليق والقيام ببعض الرقصات الفجَّة، وكذلك تمثيل الكثير من الأفلام والمشاهد التي يندم مُمثلوها- بمرور الزمان- على القيام بها، ويعترفون-أنفسهم- بذلك على شاشات التلفاز..فلماذا إذن محمد رمضان فقط؟! ..

وعلى الجانب الآخر، يأتي هو الآخر ليختار بنفسه دورًا في إحداث الوقيعة الدائمة بينه وبين الجمهور بتصريحه الدائم بكلمات وعبارات مُستفزة، بدلًا من التريث الذي يُكسب صاحبه الهيبة والتعاطف؛ فتُراهُ ينشر صورة له وابنه برفقته في طائرته الخاصة وهما يتناولان إحدى الوجبات، ردَّا على الهجوم الذي تعرض له بمنحه شهادة الدكتوراة الفخرية، قائلًا : “لا أنظر خلفي إلا لالتقاط صورة فقط” .

ورغم أنَّ المجتمع الواعي المثقف أدرك مُتيقنًا أن تلك الألقاب والمِنَح لا قيمة لها، إذ أنه يتم منحها دونما دراسة أو اطلاع.. فنحن أمَّة نُلقِّبُ حامل الدكتوراة الحقيقية بلقب “عالِم”؛ لذلك نعلم أن الدكتوراة الفخرية لقب أكاديمي تكريمي، وليست مرتبة علمية، وكذلك لقب سفير النوايا الحسنة، إذ يتم منحه بالتعاون مع شخصيات عامة لها مكانة في منطقتها للقيام ببعض الأعمال الإنسانية فقط، وهي ليست صفة سياسية دبلوماسية كالتي يحملها سفراء الدول المختلفة.
وفي الأخير ينبغي تقديم بعض الرسائل لثلاث جهات، أولهما تلك الجهات المانحة للألقاب والشهادات بغير استحقاق وجدارة، لابد من تقديمهم نماذجًا يُحتذى بها، ليس عليها أي علامات استفهام، شخصيات تكون قدوة للشباب، كي نقوم بتنمية روح المنافسة الجادة لديهم للحصول على تلك المكافئات المعنوية يومًا ما.

والجهة الثانية، هي الجماهير التي تتخذ من العاطفة بوصلة للتقييم، فتُمرر من تشاء، وتوجه النقد اللاذع لمن تشاء؛فليس هناك جدوى من نصائح مردها الحب أو الكره.
وأخيرًا، لمحمد رمضان.. هناك الكثيرون على مرِّ العصور فعلوا ما فعلوا من أعمال عظيمة في كل المجالات الطبية والعلمية والبحثية، ولكنهم كانوا صامتين؛ فالصمتُ يُطفئ لهيب كل نيران التخبط الفكري النقدي المُوجه.. مع تحفظنا إن كان ما يُقدمه رمضان للمجتمع جيدًا أم رثًّا.

زر الذهاب إلى الأعلى