هاني الجمل يكتب: عقاب شيكابالا.. والتعصب الكروي

من المسؤول عن حالة الاحتقان والتعصب التي وصلت إليها الساحة الرياضية في مصر؟!

 وهل من علاج لتلك الظاهرة التي تسئ  إلى سمعة الكرة المصرية محلياً وعربياً ودولياً ؟! 

إذا كان الاتحاد المصري قد فرض عقوبات رادعة على شيكابالا، لاعب الزمالك وأوقفه 8 أشهر مع غرامة قدرها 500 ألف جنيه، لما بدر منه خلال مراسم تتويج ناديه بالفوز بدرع الدوري، فإن الأهم هنا كيف ننهي حالة التعصب،  وكيف نجعل من الرياضة عنواناً للمحبة والصداقة؟! ، وكيف نوظف برامجنا الرياضية لتحقيق تلك الغاية النبيلة بدلاً من أن يتبارى أصحابها في النفخ في البوق وتأجيج مشاعر الجماهير دون مراعاة لقيمة رسالتهم الإعلامية؟!.

والواقع على الأرض يؤكد أن التعصب الرياضي خاصة بين القطبين الكبيرين  الأهلى والزمالك أصبح حقيقة ملموسة، وسمة من سمات عصر أصبح لوسائل التواصل الاجتماعي فيه اليد الطولى . 

والواقع على الأرض أيضاً يؤكد أن مقدمي البرامج الرياضية وضيوفهم من المحللين يتحملون الجزء الأكبر من المسؤلية، ولنا في برنامج مي حلمي بقناة الحدث العبرة والمثل، حيث يحسب للقناة أنها أوقفت البرنامج وحولت المذيعة للتحقيق، بعد أن تجاوزت كل حد ونسيت أبجديات عملها 

والنظرة المتروية لحال برامجنا الرياضية تؤكد أن معظم العاملين فيها غير مؤهلين من الأساس، وتتحكم فيهم المصالح والأهواء الشخصية، حيث يلهث الجميع وراء الإثارة والسبق، ولو على حساب الصدق، الأمر الذي يتنافى مع أبسط قواعد الإعلام الذي درسناه وندرّسه للطلاب .

وما يحدث على ساحتنا الرياضية هو عبث مقصود يشارك فيه الجميع بداية من اتحاد كرة القدم المتخبط في معظم قراراته، مرورا بالأندية ولاعبيها وانتهاءا بالجمهور، الأمر الذي يخرج للعالم لوحة سيئة السمعة عن الرياضة في مصر.

 فإذا كانت الرياضة أصبحت اليوم صناعة كبيرة لدى الدول التي تعرف قيمتها وتديرها على علم وفن وخبرة، فإنها مازالت بالنسبة للمصريين فهلوة وشطارة . 

وإذا كنا جادين فعلاً في وقف مسلسل العبث الرياضي، فإننا لن نعيد اختراع العجلة، فالطريق واضح ومعروف، من خلال وقفة حقيقية مع مقدمي البرامج الرياضية ومع كل الإعلاميين الرياضيين لمعالجة هذه الظاهرة السلبية.

لا نريد حرباً جديدة بين داحس والغبراء بسبب سباق وقع بين فرسيْن وقد سبق أحدهما الآخر مما نشب بسببه معارك فادحة أدت بحياة الكثيرين واستمرت 40 عامًا.

لا نريد تكرار ما وقع في انجلترا عام 1314 ، حينما حظر ملكها إدوارد الثاني لعبة شبيهة بكرة القدم بعد أن نشبت بسببها نزاعات لفظية أدت لأعمال عنف.

 لا نريد تكرار الأعمال الصبيانية لرمضان صبحي في عام 2015،  حينما وقف على الكرة في لقطة سببت أزمة كبيرة بين لاعبي الأهلي والزمالك. 

لا نريد تكرار ما وقع بين لاعبي الترجي والإفريقي التونسيين وجمهورهما من أحداث كلفت خسائر مادية فادحة بملعب رادس بلغت أكثر من 30 مليون دينار تونسي.

خلاصة القول : التعصب هو في حقيقته ظاهرة غير حضارية وعلاجها مسؤولية جماعية تشارك فيها كل أجهزة الدولة وفي مقدمتها  اتحاد كرة القدم المنوط به إدارة هذه اللعبة الشعبية، من خلال فرض قوانين صارمة لإعادة النظام إلى منظومة الكرة، مع ضرورة العمل الجاد لإعادة الهدوء إلى الساحة الرياضية ووقف النعرات الهدّامة التي يطلقها لاعبون يقدمون برامج رياضية ولا علاقة لهم بأسس ومبادئ الإعلام، ولا يعرفون حتى أبسط قواعده .

زر الذهاب إلى الأعلى