متى تطلق مصر قناة وثائقية محترفة ؟.. خبراء يجيبون

أستاذ إعلام: نحتاج قناة هدفها غير ربحي.. والمردود الترويجي ليس كبيرًا

استطلاع رأى.. اهتمام واسع من الشباب المصري بالقنوات الوثائقية العربية

مقترحات: إطلاق قناة وثائقية مصرية تتناول أسرار التاريخ والكون

كتب: إسلام فليفل

كانت مصر دائمًا قبلة لكل ماهو جديد، ومحراب مقدس يُصنع بداخله ما يندرج بالخارج تحت درب المستحيل، فأم الحضارات، وملاذ العلماء والفقهاء ومنبع الخبراء والمبدعين كانت أولى دول الشرق الأوسط في صناعة السينما منذ ثلاثينات القرن الماضي، وكذلك بداية الأفلام التسجيلية، أعقبتها بعض المحاولات لصنع محتوى وثائقي، ولكن على استحياء مجرد من كل جرأة ورغبة في استكمال المسيرة، ثم أصبحت تنقل عبر تليفزيون الدولة ما تنتجة ناشيونال جيوغرافيك في بدايتها من مواد فيلمية وثائقية، إلا أنها أغلقت هذا الباب ولم يعد هناك تفكير في إعادة المحاولة ثانية، اعتقدها البعض استراحة محارب ربما يعود بعدها ليغزو الأسواق بصناعة وثائقية محلية محترفة، إلا أن الاستراحة قد طالت، والمحارب تقاعد عن عمله حتى أنه نسى يومًا أنه صنع التاريخ، فنسيه الواقع دون رحمة، فما الذي ينقص مصر لإعادة فتح هذا الملف مرة أخرى، وإطلاق قناة وثائقية على غرار ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي؟

يهمك.. المذيع الشاب باسم أبو العينين لـ”بيان” نحتاج قناة إخبارية مصرية بنكهة عالمية.. والمشهد الإعلامي تخلص من العشوائية

ذكرت الدكتورة، مي مصطفى، استاذ الإعلام بأكاديمة أخبار اليوم، أن التفكير في إنشاء قناة وثائقية مصرية يتطلب عدة شروط، فالصناعة الوثائقية في رأيها تُعد صناعة مكلفة وتحتاج لرأس مال ضخم لإنتاجها، فضلا عن ضرورة توافر مهارات تدريبية، وتقنية، وعلمية معينة في أطقم العمل، وتخصيص ميزانية محددة لإنتاج المحتوى الوثائقى، وأن يكون الهددف من إنشاء القناة ليس ربحيًا في الأساس، نظرًا لأن المردود الترويجي أو الهامش الربحي من وراءها لن يكون كبيرًا للغاية، موضحه أن ذلك هو السبب وراء ابتعاد القنوات العربية عن الإنتاج الوثائقي، حتى وإن كانت تمتلك المال اللازم لصناعته.

وأشارت مي، إلى أن سلسلتي “إرث 2،1” التي أنتجتها البي بي سي، منذ فترة والتي تحدثت فيها عن كاميرات التصوير وجودتها وإمكانياتها، أو الاستعانة بالطيور لتصوير مشاهد ما، تعد من أبرز البرامج التي أوضحت كيفية إنتاج المادة الوثائقية، في وقت تقوم القنوات العربية كناشيونال جيوغرافيك بدبلجة المحتوى الوثائقي الخارجي ولا تنتجه، وتنتجه الجزيرة الوثائقية ولكن على استحياء، حتى في ظل توفير جزء من تمويلها لتحقيق أهداف سياسية معينة، دون أن يكون له غرض ربحي.

وتعجبت مصطفى من عدم امتلاك مصر لأي إنتاج وثائقي، خاصة في مجال الحياة البرية، قائلة: “مصر تمتلك الجريدة السينمائية منذ الثلاثينات، فكيف لا يكون لها حضور وثائقي حتى الآن، على الرغم من وجود بعض المحاولات الوثائقية عن حرب أكتوبر، كالشرارة، وساعة الصفر، وموقع كبريت، والتي لم تعد تذاع ولا أعرف لذلك سببا”.

وأضافت: “فكيف لا تنتج جديدًا، ومع ذلك لا نستطيع المحافظة على القديم، في وقت يسهم فيه المحتوى الوثائقي في احتلال مكانة لا تُضارع في مجال الإعلام، كما هو الاتجاه في روسيا بعد إنشاء قنوات (أر تي) الإخبارية، وبعدها القناة الوثائقية”.

وأكد دكتور خالد عيد، استشاري المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، على أن البرامج والأفلام الوثائقية والتسجيلية تعد أداة من أدوات التنوير والإحاطة والتعليم، مشيرًا إلى أن مصر تعد أولى الدول العربية التي اهتمت بالمجال الوثائقي، فنقلت الوثائقيات الخاصة بعالم الحيوان، وعالم البحار، والتي لم تكن تختلف كثيرًا عن بدايات ناشيونال جيوغرافيك، قبل أن ينتقل القائمون على مثل هذه القنوات إلى ما تتيحه التطورات التكنولوجية من حيث التصوير تحت الماء، وفن الرجوع للأصول البشرية والطبيعية وغيرها.

وأوضح عيد أن العائق لإنتاج صناعة وثائقية مصرية محترفة ليس ماديًا، قائلًا: “المشكلة ليست في المادة بقدر توظيف المتاح من المادة بشكل حقيقي، إلى جانب قصور في فكر الإدارة القائمة على ذلك، ومنع التسرب الرهيب الناتج عن الخلل في القيم والمبادئ، لكن في الوقت الحالي قد تفكر مصر في إنتاج قناة وثائقية على مستوى عالي، في ظل التفكير في إنشاء قناة إخبارية عالمية أيضًا، وهذا يرجع إلى وعي القيادة السياسية الحالية بقوة تلك القنوات وما تنتجة، مع مراعاه ضبط القوانين وقوتها الرادعه لتواجه أي قصور”.

وتأسيسًا على ما سبق قامت “بيان” بعمل استطلاع رأي إلكتروني، لرصد مدى متابعة الشباب المصري للقنوات الوثائقية العربية، والتعرف على دوافع تعرضه لها، وبحث أنماط البرامج التي يتابعها، لاكتشاف مدى الاستفادة المتحققة منها، وخلصت نتائج الاستطلاع الذي تم تطبيقه على 100 فرد إلى ما يلي.

تبين من نتائج الاستطلاع أن 70% من الشباب يتابعون القنوات الوثائقية العربية، لأسباب تتمثل في اكتشاف العالم والتعرف على حياة الشعوب، والتعلم والتثقيف بنسب 50.6% و38.4% على الترتيب، فيما أوضحت النتائج أن عدم مشاهدة الأفلام الوثائقية العربية بالنسبة للثلاثين بالمائة الباقية ترجع إلى أسباب ترتبط بالانشغال طوال اليوم، والشعور بالضيق والملل.

وكشفت نتائج الاستطلاع أيضا عن أن أكثر القنوات الوثائقية متابعة من قبل الشباب المصري هي قناة “ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي” بنسبة 62%، لتتربع في الصدارة، تليها قناة “الجزيرة الوثائقية” بنسبة 35%.

وأكدت النتائج أيضًا أن أنماط البرامج الوثائقية التي يفضلها الشباب هي: أفلام عالم النبات والحيوان، التي حلت في المركز الأول بنسبة 32.1%، وحازت أفلام الحروب والأساطير التاريخية المركز الثاني بنسبة 30.9%، وفي المركز الثالث تواجدت أفلام عن الاختراعات الحديثة بنسبة 19.8%، وأخيرًا احتلت أفلام الكون والكواكب المركز الرابع والأخير بنسبة 16%.

وتمثلت مقترحات الشباب وتطلعاتهم حول مضامين قناة وثائقية مصرية حال انطلاقها، وفي وجود أفلام تهتم بالتاريخ الإسلامي وأبرز الشخصيات المؤثرة فيه، وأفلام تهتم بالتاريخ الفرعوني، واقترح آخرون تقديم برامج وثائقية مرتبطة بعالم البحار والكون والفضاء الخارجي وأسراره، ومضامين أخرى تتناول مجالات العلوم الفيزيائية خاصة فيزياء الجسيمات الذرية، وأيضا الكيمياء وخاصة كمياء الأدوية والعقاقير ومستحتضرات التجميل.

والجدير بالذكر أن أعمال أغلب مفردات العينة ترواحت بين 19 إلى 31سنة، بمستويات اقتصادية متوسطة في غالبيتها، ومستويات علمية عالية بنسبة تقترب إلى 74.5%، وفوق المتوسطة بنسبة 14.3%.

زر الذهاب إلى الأعلى