مخترعون: الروتين الحكومي يقتلنا.. والسفر الحل الوحيد
مشوار البراءة.. تحديات ونفس طويل
كتب: إسلام فليفل
سياسة النفس الطويل، هي الطريقة المثلى التي يتبعها المخترعون المصريون، فمن لم يستطع الحصول على براءة اختراع من مصر بسبب العوائق المتراصة، يلجأ إلى الخارج، كي يحصل على الاعتماد النهائي لاختراعه، ويمكن أن يحالفه الحظ بأن يتم تنفيذ اختراعه ليخرج إلى النور، قصص مختلفة رواها مخترعون لـ”بيان”، عن مشوارهم للحصول على براءات لاختراعاتهم، منهم من سجل الاختراع هنا ومنهم من لم يستطع تسجيله في مصر، وآخر لجأ إلى الخارج للحصول على البراءة ثم عاد إلى مصر، كي ينفذه على نفقته الخاصة، فاختلفت النهايات والبداية واحدة.
في البداية روى المهندس محمود الباز لـ”بيان”، كيف كانت رحلته لتسجيل براءة اختراعه “روبوت كاسح للألغام”، التي بدأت بين عامي 2006،2007، حيث حصل على البراءة في وقت قياسي لا يتجاوز العامين بحسب ما أكده، معللًا قصر المدة بأن هناك مخترعين حصلوا عليها في فترات أطول بكثير.
وأكد “الباز” على أن أكثر الصعوبات التي واجهته تمثلت في الروتين الحكومي من قبل الموظفين، فضلًا عن أوراق التقديم خاصة نماذج اللغة العربية، والتي لا تعتمد اعتمادا كليًا على الجانب العلمي بقدر اعتمادها على الجانب البلاغي، قائلًا: “هذه النماذج تحتاج إلى فرد ضَليع في اللغة العربية أكثر منه مخترع”.
وأضاف الباز أن هناك نوعين من تسجيل براءات الاختراع تختلف من حيث حماية البراءة: فهناك تسجيل محلي، لا يتوفر له عنصر الحماية الدولية، وهناك تسجيل دولي “pct”يضمن حماية البراءة على مستوى العالم، وتتراوح رسوم تسجيلها بين 1350و2250دولار، وهي رسوم كبيرة جدًا بالنسبة للمخترع المصري.
وعن تنفيذ الاختراع واقعيا، أوضح الباز أنه عرض مشروعه على عصام حجي، مدير مكتب الأبحاث في وكالة ناسا، قبل ثورة يناير 2011، وكان هناك اهتمام من الوكالة بمثل هذه المشاريع، بعدما استطاعت تحديد أماكن الألغام باستخدام القمر الصناعي، وتمت المناقشة، وطلبت الوكالة منه تنفيذ أمور تقنية “technical form”، لكي يدخل المشروع حيز التنفيذ، ولكن توقف مع قيام الثورة نتيجة عدم الاستقرار.
وأعرب في النهاية عن معاناته من أن مصير اختراعه بعد تسجيل البراءة هو الدرج، لعدم وجود متبني لتنفيذه، فضلًا عن عدم وجود مؤسسة تتبنى الاختراعات الجديدة.
سجلت بره ونفذت هنا
أما عبد الفتاح دياب، فلجأ إلى تنفيذ اختراعه بالخارج، حيث حصل على البراءة عام 2004، موضحا أن المشكلة الوحيدة التي واجهته هي ارتفاع رسوم التسجيل الدولي، كي يحتفظ بالحماية العالمية لاختراعه، حيث حصل على البراءة لخمسة اختراعات تحمل تكاليفهما كاملة، وأضاف أنه على الرغم من تبني أكاديمية البحث لعلمي للعلوم والتكنولوجيا للعديد من اختراعاته، إلا أن عدم القدرة المالية وقتها لم تسمح لاختراعاته بالخروج للنور، في الوقت الذي رفض فيه الرجل محاولات خارجية لتنفيذ اختراعاته، إلا أن يئس من ذلك، وقرر السفر لألمانيا لتنفيذ اختراعاته مؤخرًا.
وروى لنا فارس محمود، أنه قدم ثلاثة طلبات منذ عامين ونصف، للحصول على براءت اختراع لثلاثة نماذج هي “روبوت محارب للتحكم في أسحلة الجيش وحماية رجال الشرطة والمدنيين ومدمر لأسلحة جيش العدو، ودرع للسيطرة على القنابل النووية، ومعالج منقي لذكاء الفرد في الدولة”، لكنه لم يحصل على أي رد، ولم يواجه أية مشكلة في دفع الرسوم لتقديم الطلب، حيث تم إعفائه لأنه مازال طالبا.
وأشار إلى أنه شارك في مسابقات ابن الهيثم التي أقيمت بمحافظة سوهاج منذ سنوات، وتلقى تشجيعا وإشادة من القائمين عليها، كما نصحوه بالسفر إلى الخارج، موضحا أنه ينتظر الفرصة لتحقيق حلمه بالخارج، فليس لديه مانع من تلقي تمويل من رجال أعمال حتى يخرج مشروعه إلى النور.
النفس الطويل مبينفعش
أما محمد سمير عطا، فأيقن أن سياسة النفس الطويل لن تجدي نفعًا بعدما قدم أكثر من مرة للحصول على براءة لثلاثة اختراعات هي: “أول فهرسة مزدوجة وثلاثية لفهرسة مطبوعة واحدة، أول مركب مجنح للتوازن في الأمواج والطفو عند الغرق، وأول كيبورد ضوئي لفصل اللغات”، إلا أنه لم يستطع الحصول على البراءة، فقدم الثلاث نماذج لمكتب براءات الاختراع في ألمانيا وتمكن بالفعل من الحصول على البراءة.
ولم يفضل عطا تنفيذ اختراعاته بالخارج لذا عاد إلى مصر يناير 2020 لتنفيذها، وبالفعل تم تنفيذ اختراعه “أول فهرسة ثلاثية مزدوجة”، وتطبيقه على المصف المفهرس في مصر، وأوضح أنه لم يطبق لها أيا من اختراعاته في الخارج، لأن الأمر يتطلب منه أن يتنازل عن الفكرة تماما.
وأضاف أن نسبته من عائد الاختراع لا تتجاوز ال5%فقط، وأن المدة الزمنية التي استغرقها لتسجيل الحصول على البراءة النهائية عن مجمل ابتكاراته هي ثلاث سنوات فقط، مشيرا إلى أن العائق الوحيد الذي واجهه هو أن التكلفة المادية كانت مرتفعة قليلا: حيث بلغت 4 ألاف دولار.