زُها حديد.. عراقية في قاعة الأرميتاج

كتب: إسلام فليفل

لم يكن أحد يعلم منذ واحد وسبعون عامًا أن هذه الطفلة التي تمرح في شوارع بغداد وتُغرق جدرانها ضحكًا، سيكون لها شأنا كبيرًا في العالم أجمع، وبالتالي لم تكن فرس الرهاب الرابح في أي من مرااهنات هؤلاء، لم يؤمن أحد بها في البداية، ولكنها آمنت بنفسها وبقدراتها وبحلمها الذي تريد أن تراه حقيقة، فآمن بها العالم بعد ذلك، وأصبح الحصول على شهادات التقدير والجوائز مجرد عادة ممتعة تعيشها حديد مع نفسها، فحصلت على شهادات تقديرية من أساطير العمارة، وأصبحت أستاذة زائرة في أكبر الجامعات العالمية كـ”هارفارد وهامبورج”.

يهمك.. طلاب الجيولوجيا.. من شركات التعدين والمناجم إلى معامل التحاليل

ولدت زها حديد ببغداد لأسرة سياسية من الطراز الرفيع، فكان والدها وزير المالية العراقي محمد حديد، استمرت بالعراق حتى أنهت دراستها الثانوية، حصلت على ليسانس الرياضيات من الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1971، ثم سافرت إنجلترا في العام التالي للدراسة بالجمعية المعمارية بلندن، والتي تعلمت فيها أصول العمارة على يد اثنين من أساطير العمارة وأفضل المعماريين العالمين “ريمينت كولهاس وإيليا زينيليس”، وأصبحت بعد تخرجها عام 1977 شريكهما الأصغر في المكتب المعماري الشهير “oma”، وفي أعقاب التخرج بدأت حديد رحلتها العملية التي أكسبتها شهرة واسعة في مجال المعمار حول العالم.
طبيعتها كامرأة داخل مجال لا يعرفه غير الرجال، جعلت منها وردة وحيدة داخل بستان من الأشواك، حيث نالت ما نالت من صعوبة قبول المجتمع، حتى الغربي لامرأة تخترق عالم يسيطر فيه الرجال، ولكنها أجبرتهم على احترامها واحترام أعمالها، وسطرت بعقلها مقطوعات معمارية، مزجت في الهندسة بين أصالة وبدائية العالم، فكان المنتج النهائي إبداع مسجل بماركة زها حديد.
حصلت على 150 جائزة حول العالم، تقديرًا لأعمالها التي أبدعت فيها أيما إبداع، وتخطت بالهندسة من مجرد سقف ومعمار، إلى فن يجذب العين، ويُسلب الألينة كلمات المدح لصاحبه، فتنوعت الجوائز التي حصلت عليها من جائزة الاتحاد الأوربي لعام 2003، وجائزة ريبا عام 2005 لتصميمها لمبنى “بي إم دبليو المركزي” والذي وصفته عملاق صناعة السيارات الألمانية بالتصميم الثوري، كذلك جائزة متحف التصميم بلندن عام 2014وغيرها الكثير.
مع كل الجوائز التي حصلت عليها زها حديد، إلا أن النقطة الفارقة في حياتها العملية، والتي أحست حينها أن هناك بالفعل من يقدر مجهوداتها لصالح العلم، عندما تعالت أصولت التصفيق ووقف الكل احترامًا في قاعة الأرميتاج مدينة سان بطرسبرج الروسية، عندما اختير اسمها على حساب أفضل المعمارين في العالم، لتظفر بجائزة بريتزكر عام 2004 التي يتهافت عليها مصممي العمارة من كل حدب وصوب.
في 31مايو عام 2016 أخرجت حديد آخر أنفاسها للدينا، معلنة نهاية رحلتها بعدما أدت دورها على أكمل وجه، فرحلت عنا في ثوب الأبطال، حيث غادرتنا بجسدها ولكن بقيت روحها وأعمالها متحدثة عنها للأبد، بعدما تركت بصماتها في مجال الهندسة المعمارية واضحة صريحة.

تصميمات زها حديد
تصميمات زها حديد
تصميمات زها حديد
تصميمات زها حديد
زر الذهاب إلى الأعلى