نماذج لنساء تحدت الصعاب بكل قوة وصلابة ..تعلم من حكايتهنَّ (صور)

كتبت: أسماء خليل

قد يُصاب المرء بما يؤلمه بشكل لا يستدعي الانتباه، ولكنه يُوقف حياته رغم اللاشيء، وعلى جانب آخر هناك من يُصاب بالكثير من الأشياء ولكنه يتحدى ويُقاوم وتستمر الحياة رغم كل شيء.

توجد نماذج حولنا وخاصة من النساء اللاتي تتميزن بعدم القوامة مقارنةً بالرجل، قد تخطينَ الصعاب وتحملن الويلات، من أجل أن تستمر الحياة.. ومن تلك النماذج..

“إيمان” والباب والمفتوح

امل

إخفاقاتٌ ونجاحاتٌ وويلاتٌ وآمال أحطن بتلك المرأة، إنها “إيمان الشرقاوي” من محافظة “الشرقية”، أربعون عامًا هو عمرها بالسجلات، ولكن عمرها الحقيقي قد تخطى الكثير من العقود؛ فما برحت إيمان استقبال الدنيا ببسماتٍ صافية إلَّا ووجدت عراقيلَا في حياتها؛ فقد علم الأطباء أن لديها مرضًا بالقلب كان يستدعي حينها إجراء عملية “قلب مفتوح”، خافت أمها من إجراء تلك العملية ولم تكن تلك النوعية من الجراحات في ذلك الوقت تلاقي المزيد من النجاح؛ فكان الخلاف بين أبيها وأمها فانفصلا.

بدأت الشرقاوي بتحويل تلك الآلام إلى آمال، تغاضت عما تشعر به من اوجاع وبدأت رحلتها في المذاكرة والتفاؤل، كان المرض في بعض حين يعرقلها، ولكنها استطاعت أن تأخذ قسطا وافيا من التعليم رغم الظروف المُحيطة، لا يعلم أحد كيف كانت في صغرها تحب أصدقائها وتدفعهم نحو الأمام وتمنحهم الأمل، فلله في خلقه شؤون. قال الأطباء لن تتزوج، ولكنها أصرت على أن تحيا حياةً طبيعية وتتناول الدواء بانتظام وتنسى مرضها.. وبالفعل تزوجت وأنجبت تحت إشراف طبي ولدًا وبنتًا.
لم تقف الأمور عند ذلك الحد، لقد انفصل عنها زوجها فكانت لأبنائها الأب والأم.. لم تيأس ولم تختبئ في جوف وحدتها، ولكنها سعت إلى تعلم الكثير من المهارات لتقوم بعمل مشاريع صغيرة..

بدأت بمشروع“ التطريز” وبعض الأعمال الفنية.. وافتتحت “جاليري” كانت تتداوى فيه من همومها وآلامها.. إلى أن اشتد عليها المرض وكان لابد من إجراء العملية.

فتحت قلبها وكأنها تفتح باب الأمل في الحياة من جديد.. كم تألمت وعانت!!.. ولكنها صبرت، حتى مر الوقت وبدأت بفضل الله ثم إرادتها التعافي، وكان مشروعها قد توقف..فكرت إيمان مرات أخرى بسبب أن يدها اليسرى المقاربة لقلبها لا يمكن استخدامها في التطريز والأعمال الفنية مثل سابق عهدها، فأقامت مشروعًا متناسبًا وقدراتها.

تقدم للزواج منها رجلَا خاطبًا قلبها الحنون وفكرها الراجح، فأحبته وبدأت حياتها من جديد.. إيمان اليوم “ مُرشدة تحفيزية”؛ تزرع الأمل في قلوب الأصحاء..

الجميلة و“الوَحش”

كانت فتاة عمرها ١٢ عامًا، لم تكن تعرف ماذا تمثل كلمة زواج للفتاة، قام أهلها بخطبتها لشخص أشبه بالوحش، لم ترهُ أبدًا قبل الزواج؛ فقد كانت سعيدة سعادة الأطفال بتملك لُعبة جديدة.

استمرت فترة الخطبة عشرين يومًا وبعدها تم الزفاف لتصطدم بالشيء الأصعب في حياتها.. لم تمر ليلتها مرور الكرام؛ فما إن رأته حتى أصيبت بالهلع من هول قبح وجهه وقسماته الذي جعل كل من يراه يلقبه بالوحش، ولكنه أم يفعل أي شيء.. ظلَّ صامتًا منتظرًا ما ستكتبه له الأقدار، كان عمرها العقلي أكبر من عمرها الحقيقي المُقدر بشهادة الميلاد.. وما بين طرفةٍ وانتباهتها كتبت له شهادة جديدة بفضل الله ثم بحكمتها وذكائها، وبدأت رحلتها مع “الوحش”..

تحملَّتْ التنمر رغم جمالها، فقد كان بإمكانها طلب الطلاق منه، ولكنها قررت أن تسير في طريقه مُلتمسة جماله الداخلي مُتناسية الجمال الشكلي، ومر على زواجها ما يُقارب العشرين عامًا.

فقدان البصر وليس البصيرة

لقد كانت “نجمة إبراهيم” طيبة القلب حنونة رغم كل الأدوار التي كانت تقوم بها على الشاشة، ولكن حدثت لها مأساة بعد مرور العديد من السنوات بالتمثيل؛ حيث بدأ بصرها يذهب بشكل تدريجي إلى أن ذهب تمامًا، ولكنها كانت مُرتبطة بأعمال مسرحية وإذا توقفت يترتب على ذلك خراب لبيوت الكثير من العاملين، فظلت تعمل بحرص شديد دونما تخبر أحدًا.

كانت تحسب خطواتها في “البروفة” بمساعدة زوجها، وكان كذلك يقوم بتحفيظها دورها بشكل جيد جدا؛ فتظهر وقت العرض وكأن شيئًا لم يكن أمام الناس، وحتمًا على النقيض كان يحدث الكثير من الأشياء.

أقبح امرأة بالعالم

 

“ليزي فلاسكيز” كانت طفلة داخلها البراءة مثل أي طفلة بالعالم، لم تكن ترى مدى القبح الذي يراه العالم بوجهها الخارجي، فلم تكن تتلقى إشارات سوي من داخل روحها الطاهرة.. كانت مُصابة بمُتلازمة نادرة وهي عدم امتلاء جسدها مهما أكلت، فرغم أنها وُلِدَتْ بعام ١٩٨٦؛ إلا أن وزنها – حتى الآن – ٣٠ كيلو جرامًا.

ظلت ليزي ببراءتها وبدأ أصحابها يحبونها بعد أن كانوا يخافون من قبح وجهها، ولكنهم مع مرور الوقت اعتادوا شكلها وألِفوا قلبها، إلى أن كانت تجلس يومًا مُمسكة بهاتفها بالسابعة عشر من عمرها، لترى صورتها على شبكة الإنترنت مكتوب تحتها أقبح امرأة بالعالم.. ظلت باكية مُبتئسة لمدة أيام، ولكنها فكرت ألا تستسلم أبدَا لذلك الأمر، وبالفعل ذاكرت ليزي واجتهدت إلى أن أصبحت “متحدثًا تحفيزيا” تُلقي المحاضرات حول العالم.. كما ألَّفت ثلاثة كتب في بناء الذات والتغلب على الإعاقات..
لقد حاولت فلاسكيز أن تغير حياتها وتتخذ من قبحها جمالًا داخليًا في مواجهة العالم.. لم تستسلم.. لم تجلس في غرفتها تؤلف نهاية مؤسفة لحياتها بالانتحار.

لقد ذكرنا قدر ما تسعهُ سطورنا على سبيل المثال لا الحصر ،ولكن إذا قمنا بتعداد حقيقي لعدد النساء اللاتي تحدت الصعاب ،حتما لن تكفي تلك السطور .

زر الذهاب إلى الأعلى