من هو الألماني هابرماس الذى منحه مركز أبوظبي للغة العربية جائزته ؟
كتب: حسام معوض
ذهبت جائـــزة الشـــيخ زايد للكتـــاب لهذا العام 2021 إلى الفيلســـوف الألمانـــي يورجــن هابرمـــاس للفـــوز بجائـــزة شـــخصية العام الثقافية” .
الجائزة تصدر عن مركز أبوظبي للغة العربية التابـــع لدائـــرة الثقافـــة والســـياحة، ومنحت هابرمـــاس الجائـــزة تقديرا لمســـيرته الفكرية الحافلة التي تمتد لأكثر من نصف قرن، كما هو وارد فى حيثيات المانحين.
لكن السؤال: من هو هذا الفيلسوف؟ وهل يستححق باالفعل لهذه الجائزة التى حققت مصداقية وشهرة كبيرين على مدار السنوات الماضية ؟
يؤكد تقرير صحفى منشور أن هابرمـــاس قام بتقديم مســـاهمات نوعية وعميقـــة فـــي حقل الفلســـفة علـــى نحو أثرى العديد من التخصصات، كدراســـا التواصل والثقافـــة، والنظرية الأخلاقية واللغويـــات، والنظرية الأدبيـــة، والعلوم السياســـية، والدراســـات الدينيـــة، واللاهوت، وعلم الاجتماع، حسب حيثيات المانح للجائزة، والذى أضاف أن فوز هابرمـــاس يأتي تقديرا للمكانة المرموقة التي يتمتع بها بوصفه “واحدا من أكثر الفلاسفة تأثيرا في العالم، “ورائدا في الخطاب الفلســـفي النقدي، فضلا عن حضـــوره معلمـــا للعديـــد مـــن المنظرين فـــي علم الاجتمـــاع السياســـي والنظرية الاجتماعية والفلسفة الاجتماعية.”
لكن ما سبق لم يجب أيضا على السؤال: من هو الرجل؟
ولد يورغن هابرماس في 18 يونيو عام 1929 في دوسلدورف بألمانيا، ونشأ في مقاطعة جومرسباخ، وفى العاشرة عمره انضم إلى شبيبة هتلر مثلما فعل العديد من معاصريه، فلما بلغ الـ 15 عامًا تم إرساله إلى جبهة القتال الغربية.
وبعد هزيمة النازي، واصل الفتى هابرمـــاس تعليمه الثانوي وارتاد جامعة بون- جوتنجن وزيورخ، وتخصص فى دراسة الفلسفة، التى حصل فيها على درجة الدكتوراه سنة 1954 عن بحثا عن فريدريش شلينج.
وعمل هابرمـــاس باحثا في معهد البحوث الاجتماعية المعروف أيضًا بمدرسة فرانكفورت، بين عامي 1956-1959، هذا المعهد الذى ارتبط اسمه بالنظرية الاجتماعية النقدية التي طوِرها في عشرينيات القرن الماضي، وواصل هابرمـــاس العمل على النظرية حتى ارتبط اسمه بها وهو من الجيل الثاني في معهد فرانكفورت، بعد الجيل الأول من مؤسسي المعهد مثل ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو وهربرت ماركوز.
وفى بداية السنيتيات من القرن الماضى انضم هابرماس لجامعة ماربورج محاضرًا دون أجر، وفي سنة 1962 عُيّن أستاذًا استثنائيًا في جامعة هايدلبرج، وأصبح أستاذًا للفلسفة وعلم الاجتماع خلفًا لماكس هوركهايمر في جامعة «جوته» في فرانكفورت سنة 1964، وعُين مديرًا لمعهد ماكس بلانك بعد عشر سنوات في ستارنبرج.
وعاد الفيلسوف إلى فرانكفورت بعد أن تقاعد عام 1994، لكنه عاد للتدرس في الولايات المتحدة في جامعة نورث وسترن، إيفانستون- إلينوي، وفي جامعة نيويورك، وألقى محاضرات في عدة جامعات حول العالم.
وبرز هابرماس في الأوساط الأكاديمية، وذلك لإنجازاته المهمة في النقد الاجتماعي، والمناقشات التي أحدثتها مقالاته وأبحاثه، التي صاغ فيها رؤية شاملة للمجتمع الحديث وإمكانية الحرية داخله، وأثّرت أعماله بقوة في العديد من التخصصات، منها دراسات التواصل والدراسات الثقافية والنظرية الأخلاقية والقانون واللغويات والنظرية الأدبية والفلسفة والعلوم السياسية والدراسات الدينية واللاهوت وعلم الاجتماع، حتى عد الفيلسوف الألماني الأهم في النصف الثاني من القرن العشرين.
ومن أبرز مواقف الفيلسوف المكرم، تأييده لحرب العراق بعد غزوها الكويت عام (1991) بوصفها ضرورة لحماية إسرائيل، وتأييده لقصف صربيا (1999) من قبل حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمنع الإبادة الجماعية للألبان في كوسوفو، لكنه عارض الحرب على العراق (2003) كونها غير ضرورية وغير قانونية، وشجّع إنشاء ديمقراطية دستورية فوق وطنية في الاتحاد الأوروبي، وعارض استنساخ البشر، وحذّر من رد فعل المتعصبين الدينيين بمختلف انتماءاتهم، في الغرب وخارجه، على حالة العلمانية غير البناءة.
وجدير بالذكر أن جائزة “شخصية العام الثقافية” تعد من أهم فروع جائزة الشـــيخ زايد للكتاب ويتم منحها كل عام لشخصية أو مؤسسة بارزة على المستويين العربي أو الدولي، أسهمت فـــي إثـــراء الثقافة، و تقديـــرا لإسهاماتها فى أأثراء الثقافة العربية، على أن َّ تتجســـد فى أعمالها فكرا أو إبداعا أو نشـــاطاتها قيـــم الأصالة والتسامح والتعايش السلمي، وقد تم منح الجائزة حتى الآن لأربع عشرة شخصية ومؤسسةمن إحدى عشـــرة دولة مـــن جميع أرجاء العالم.