هاني الجمل يكتب: عيد الفلاح.. إنجازات تحققت وأخرى مطلوبة

مع الذكرى التاسعة والستين لعيد الفلاح، تدور تساؤلات كثيرة عن وضعه حالياً، وهل أنصفته الحكومة، أم أدارت ظهرها إليه ليواجه مصيره بنفسه. بداية تحية للفلاحين في عيدهم الذي يوافق يوم إصدار قانون الإصلاح الزراعي في التاسع من سبتمبر عام 1952، وإعادة توزيع ملكية الأراضي من يد الإقطاع إلى المحرومين منهم، مع إنشاء الجمعيات الزراعية ورسالتها التي كانت قديماً أكثر إيجابية من اليوم .

يهمك.. هاني الجمل يكتب: مصر وتركيا.. ملفات تنتظر الحل

كما يأتي الاحتفال بيوم الفلاح المصري متزامناً أيضا مع وقفة زعيمهم أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق في التاسع من سبتمبر عام 1881، والتي قال فيها كلماته الشهيرة ” لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولن نستعبد بعد اليوم”.
ومن الانصاف القول إن وضع الفلاح اليوم أفضل مما مضى ، وإن لم يصل إلى الدرجة التي نستطيع فيها التأكيد على أنه نال كل حقوقه، فما زالت طموحاته كثيرة رغم أنها مشروعة. ولا يمكن لعين المراقب أن تغض الطرف عن الإنجازات الكبيرة التي تحققت للفلاح في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويكفي في هذا السياق أن نتوقف قليلاً مع ما تشهده القرية المصرية من مشروعات عملاقة ونهضة تنموية في ظل برنامج ” حياة كريمة” الذي انطلق في الثاني من يناير عام 2019 لتطوير نحو 4750 قرية وتوابعها في 26 محافظة بتكلفة 700 مليار جنيه.
وإذا كانت لغة الأرقام هي الأكثر دلالة ، فإن مصر – كما أكّد مستشار رئيس الوزراء للقطاع الزراعي والري- ، قد شهدت طفرة حقيقية في القطاع الزراعي خلال السنوات السبع الماضية، حيث ارتفعت صادراتها الزراعية إلى 4.6 مليون طن خلال الفترة من يناير حتى نهاية أغسطس 2021، إلى جانب تربعها على قائمة الدول المصدرة لمحصول البرتقال للعام الثالث على التوالي، مع احتلالها للمراكز الأولى في تصدير الموالح والفراولة المجمدة وإنتاج الزيتون. كما يوجد أكثر من 350 حاصلة زراعية تم تصديرها لأكثر من 150 دولة إلى جانب وجود أكثر من 38 سوقاً تم فتحها آخر ثلاث سنوات، منها 11 سوقاً ‏تصديرية لعدد 7 محاصيل تصديرية خلال عام 2020. ويحسب لقطاع الزراعة أنه مكّن مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من 9 محاصيل زراعية خلال عام 2020، أهمها الخضر بإنتاج 25.5 مليون طن، والفاكهة بإنتاج 10.7 مليون طن، والأرز بإنتاج 6.5 مليون طن، والذرة البيضاء بإنتاج 4.5 مليون طن، والبصل بإنتاج 4 مليون طن. وحسب مجلس الوزراء، فإن عدد المشتغلين بنشاط الزراعة بلغ نحو 5.2 مليون شخص، أي 19.2% من إجمالي موظفي الدولة، ووصلت نسبة مساهمتهم في الناتج المحلي الإجمالي لـ 14.8% عام 2019/2020، حيث بلغت 669.8 مليار جنيه مقارنة بـ 278.5 مليار جنيه عام 2014/2015، وذلك بالأسعار الجارية.
ورغم كل هذه الأرقام الإيجابية، فإن الصورة ليست مثالية بالقدر المطمئن ، فالفلاح في قريتي كفر حجازي بمحافظة المنوفية – على سبيل المثال لا الحصر – ما زال يتطلع لدور أكبر من جانب الحكومة لدعم الأسمدة التي يضطر لشرائها من السوق السوداء، ويتمنى عودة المرشد الزراعي ليمارس دوره المنوط به ، إلى جانب مشكلة تفتت الحيازة الزراعية ، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بتقديم حزمة تحفيزية لحائزي هذه المساحات المفتتة من خلال دعم أسعار السماد والتقاوي والمبيدات.
ومع عيد الفلاح نتوقف قليلاً لنقلب صفحات التاريخ، لنرى كيف كان وضعه في العصور المختلفة بداية من العصر الفرعوني الذي زرع خلاله الحبوب لصنع الخبز والكتان لنسج الملابس والبصل والعدس والشمام والخيار والتين، إلى جانب نسج الصوف وصنع القوارب وصيد الأسماك، كما يقول علي إبراهيم حسن في كتابه “الحضارة المصرية والحضارات الشرقية في العصور القديمة”.
أمّا عن امتلاك الفلاح المصري للأرض الزراعية فيقول عطية الصيرفي في كتابه “تاريخ عمال الزراعة والتراحيل في مصر والعالم” “إن الفلاح المصري مارس بكفاءة وذكاء مهنة الفلاحة وصناعة الحفر والردم والإنشاءات معاً وذلك منذ بداية الحضارة المصرية القديمة ولكن ظل بعيداً عن ملكية الأرض بالمعنى العلمي الحديث، فكانت كلها مملوكة ملكية خالصة للملوك والمعابد الفرعونية والحكومات في عصر الغزاة الذين أعطوا الفلاح حيازة صغيرة من الأرض لزراعتها مقابل الحصول على جزء من ريعها.أمّا الدكتورة زبيدة محمد عطا فذكرت في كتابها “الفلاح المصري بين العصر القبطي والعصر الإسلامي” إن وضعه في ال3 قرون الأولى أو ما يعرف بالفترة الرومانية قد اختلف عن الفترة البيزنطية، حيث اهتم الرومان بالأرض لاحتياجهم لضرائبها وقمحها الذي كان يشحن إلى روما فيما يعرف ب” الشحنة السعيدة”. ومع الفتح الإسلامي ترك الفاتحون الأراضي في أيدي أهلها وفرضوا عليهم الجزية والخراج ، حيث تمتعت الكنائس بأراض زراعية ممتدة المساحة. وفي فترة الحكم العثماني نزع السلطان سليم الأول ملكية الأمراء المماليك ووزعها على أتباعه من الجنود الغزاة الذين أقاموا في مصر وبعض أمراء المماليك من أنصاره، ونتيجة للتوزيع العثماني للأراضي الزراعية المصرية تواجدت طبقة من الإقطاعيين ، وكان الفلاح عبارة عن أجير للأرض وإن تمتع ببعض الحريات.
خلاصة القول.. نعم هناك مكاسب كثيرة حصل عليها الفلاح المصري، خلال السنوات القليلة الماضية، وإن كان يطمح في المزيد باعتباره العمود الفقري في الإنتاج والتصدير، وعلى صاحب القرار السياسي أن يعي أن ” من لا يملك غذاءه لا يملك قراره “.

تعليق واحد

  1. بجد حاجة جميلة الاشارة الى عيد الفلاحين
    وحقيقي اهملتهم الدولة والاعلام كثيرا فهم يعانون اشد المعاناة وليس هناك من يسمع فكل الشكر والتقدير لكم دكتور هانى الحديث ف هذا الموضوع

زر الذهاب إلى الأعلى