طارق متولى يكتب: شجرة المعرفة
يتوق الإنسان دائما للمعرفة سواء فى أبسط صورها أو فى أكبر صورها، نريد أن نعرف الطريق حتى نصل إلى ما نريد.
الإنسان يريد أن يعرف دائما معرفة مسبقة لما يفعله، وهل هذا الفعل صحيح سينتفع منه أو خطأ سيضره أو على الأقل لايفيده، حتى فى طعامه من المستحيل أو من الصعب أن يأكل الإنسان شىء لا يعرفه أو يمشى فى طريق لا يعرف نهايته.
فالمعرفة الصحيحة أساس كل حياتنا فى الحقيقة، وكلما زاد رصيد الإنسان من المعرفة الصحيحة فى المجالات المختلفة كلما تقدم عن غيره ووصل إلى أماكن لم يبلغها أحد قبله.
والإنسان يعتمد فى المعرفة على حواس السمع والأبصار واللمس والشم والذوق، ويقوم العقل بتفسيرها وتخزينها لكى تصبح مخزون معرفى يلجأ إليه الإنسان فى حياته
وأصل العلم كله عند الله سبحانه وتعالى خالقنا وخالق الوجود كله، فهو الذى يعرف كل قوانين الطبيعة والكون والإنسان وجميع المخلوقات، والإنسان جاهل لا يعرف شىء حتى يعلمه أو يفتح أمامه طريق المعرفة.
فى بداية الخلق علم الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم كل الأسماء لكل الأشياء، ولم يعلمها للملائكة فلما سألهم عنها قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم.
علم الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم أسماء كل شىء ولم يعلمها الملائكة المقربون فلم يعرفوها فالعلم أساسه ومصدرة هو الله سبحانه وتعالى.
هدف العلم الأساسى الذى عليه مدار الحياة، هو معرفة الخير وما ينفع البشر لكى يحصلوه ويستفيدوا منه ومعرفة الشر وما يضر بالبشر لكى يجتنبوه ولا يصيبهم أذاه والتفريق بينهما .
وهى مسألة ليست بالسهلة ولكى نتخيل صعوبتها نضرب مثل شجرة تنبت ثمارها فى فرعين من الثمار فرع طيب وفرع خبيث، وأنت قريب من هذه الشجرة سيكون من السهل معرفة ثمار الفرع الطيب وثمار الفرع الخبيث، لكن عندما تكون بعيد عن الشجرة وتأتيك ثمارها فلن تعرف من أين أتت الثمار من الفرع الطيب أم من الفرع الخبيث، وهنا يحتاج الإنسان لاختبار الثمار ليكتشف الفرق، وقد يكون هذا الفرق غير واضح، فهما لهما نفس المذاق ونفس الشكل ويختلفا فقط فى الخواص الدقيقة، فقد يقضى الإنسان فى التحليل والتجارب، وقد يصل أو لا يصل لمعرفة الحقيقة.
ويتمنى لو أن له مرجع يعرف أصل هذه الثمار وهل هى من الفرع الطيب أم من الفرع الخبيث، قد يلجأ إلى كتب المجربون من قبله والمجربون من قبلهم، لكنه فى سلسلة بحثه الذى قد يستغرق حياته كلها سيجد نفسه يصل إلى مصدر العلم المطلق الذى خلق هذه الشجرة وهو الله سبحانه وتعالى .
أليس من الحماقة؟ أن يضيع الإنسان حياته كلها ليصل إلى علم الله سبحانه وتعالى عن طريق تجربته وعقله الذي لا يستطيع أن يحيط بكل الأشياء المختلطة فى طبيعتها وشكلها وتأثيرها، ويترك العلم الذى أرسله الله له ليخبره عن الفرق بين الفرع الطيب والفرع الخبيث بين الخير والشر والأمور التى تختلط عليه العلم الذى أرسل به الرسل والأنبياء والكتب السماوية التى ارسلها الله له، لأنه يعرف ضعفه وقصور عقله فى الوصول إليه بمفرده ويخبره بالطريق والطريقة الصحيحة التى توصله للعلم ويحذره من مواطن الخطأ والوقوع فى الشر فيقضى حياته متخبطا متشككا يحاول أن يصل إلى الحقيقة التى هى أمامه وبين يديه.
هذا فى الواقع ما يفعله الملحدون اللادينيون الذين ينكرون الله الخالق والأديان السماوية، ويؤمنون بعقولهم القاصرة المحدودة وبتجاربهم العقيمة التى توقعهم فى الشر لا محالة، فهم هائمين على وجوههم تائهين بلا دليل ولا هادى يدلهم على الطريق.