معركة السادات الأخيرة.. “الإخوان وسبتمبر الأسود” (فيلم وثائقي)

فى 5 سبتمبر من عام 1981، ألقى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فى مجلس الشعب وأمام نوابه المحتشدون فى قاعته الرئيسية، خطابه الجماهيرى الأخير، والخطير، كان كثيرون ينتظرون هذا الخطاب ليفهموا من رأس الدولة حقيقة الأحداث التى وقعت على مدار اليومين السابقين 3 و 4 سبتمبر، وما جرى فيهما من أحداث وصفتها الصحف، بإنها ثورة جديدة للسادات، وحرب ضد الفتنة.

و فى الخطاب ألقى الرئيس على المصريين 10 قرارات، كان قد جرى – فى عجالة – تنفيذ ما يتعلق منها بأوامر الاعتقال لأعداد كبيرة من الشخصيات العامة، والقيادات الجماهيرية، والتحفظ على ممتلكات البعض منهم، وإبعاد آخرون عن وظائفهم، لكن أخطر القرارات لم تنفذ، وهى المتعلقة بفض الاشتباك بين الدين والسياسة، بين الثابت المقدس، والمتغير الدنيوى الذى لا يعرف فى حقيقته لغة للضمير، ولا يلتزم بأخلاق.

كانت هذه هى المعركة الأخيرة التى خاضها السادات مزهوا بذاته (صورة بطل الحرب والسلام) على اعتبار أنه بطل الحرب والسلام، وقال المراقبون للأحداث إن السادات اتبع فى أيامه الأخيرة سياسة معاداة الجميع، وعندما تحدث أصموا عنه قاتلوه آذانهم، وبقى  خطابه الأخير الذى أفاض فيه وشرح وبرر، لماذا لجأ إلى إصدار قراراته التى شملت اعتقال  (1530) شخصا، من كل الأطياف، رجال ونساء، شيوخ وشباب، من المنخرطين فى الشأن العام، من الساسة والمثقفين وعدد من القيادات الدينية من المسلمين والمسيحيين، ومن الطلبة وأعضاء الجماعات الدينية.

ولم ينته الأمر عند هذا الحد.. لكن تصاعدت الأزمة وأسفرت فى تداعياتها إلى اغتيال فصيل من الإسلامويين الرئيس السادات، فى حادث المنصة الشهير الذى وقع في السادس من أكتوبر سنة 1981، وترجل الفارس عن جواده بعد 33 يوما من صدور وتنفيذ قرارات ما أطلق عليه “سبتمبر الأسود”.

انطلقت حملة الاعتقالات فجر يوم 3 سبتمبر عقب عودة السادات من واشنطن محملا بالغضب والخشية من إعطاء إسرائيل ذريعة للتنصل من تنفيذ تعهداتها بالإنسحاب من سيناء، تنفيذا لاتفاقات السلام المبرمة معها.. خاصة وأن مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك وجه رسالة مباشرة للرئيس السادات، سأله فيها مستنكرا: “كيف نضمن استمرار مصر في الالتزام بالسلام معنا بينما هناك معارضة شديدة لك ؟

وأشارت مصادر عديدة، وشهود قريبين من الرئيس السادات ومنهم زوجته الراحلة السيدة جيهان السادات أنه كان ينتوي الإفراج عن قائمة المعتقلين المعارضين له عقب تنفيذ إسرائيل لوعدها بالإنسحاب.

“سبتمبر الأسود” هذا ما أطلقه الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل فى وصفه لما شهدته أيام وليالى شهر سبتمبر عام 1981، وهيكل نفسه كان من ضمن من تم اعتقالهم فى 5 سبتمبر، وهيكل كان واحدا من المعارضة التى أراد السادات إسكات أصواتها تماما، كل وأى معارضة بكل أطيافها من اليسار واليمين الليبرالى والإسلاموى، رأى السادات أنها لابد أن تكف عن الحديث ضد معاهدة السلام حتى تنفذ إسرائيل تعهداتها بالجلاء عن الأراضى المصرية المحتلة فى سيناء.. لكن يبدو أن هناك من نصحه بأن يضرب عصفورين بحجر واحد.. فيسكت معارضى السلام مع إسرائيل، ويقضى فى ذات الوقت على بوادر فتنة طائفية تطل برأسها.. فتنة مصطنعة.. وغريبة على النسيج الوطنى المصرى.. ولا تحتملها ظروف البلاد.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى