أحمد عاطف آدم يكتب: مشاعر لا تضاهي
“بابا دا أغلي شيء في حياتنا كلنا، تعب علينا جدا وبنفتخر بيه جدا، ونتشرف بيه طبعًا أنا وأخواتي، وبقوله أرفع راسك ومتزعلش، كفاية أنك مأغضبتش ربنا، واحنا كلنا والعيلة وأهل القلج مسبناش بابا لحظة”.
هذا ما صرحت به مي عادل ابنة الممرض ضحية تنمر رئيس قسم العظام بكلية طب جامعة عين شمس خلال برنامج ” كلمة أخيرة” الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة “ON”، بعد أن أصر الأستاذ الجامعي علي مضايقة وإهانة ممرضه بل ودعوته للسجود لكلبه لأنه أهانه لفظيًا، الرجل رفض أن يكفر بالله ويرضي عبده الذي اعتلى قمة هرم العلم لكنه انتحر بفعلته الشنيعة، وقفز بمحض إرادته ساقطًا من نظر الجميع.
عندما سألتها مقدمة البرنامج: “والدك كان قلقان من منظره قدامكم لما دا حصل.. أنتى قولتيله أيه لما الفيديو انتشر؟”.
أجابت الفتاة: “قولتله إرفع راسك دي حاجة مش بأيدك”، ثم توقفت عن الكلام قبل أن تخفف عنها “الحديدي” وتطالبها بالتوقف عن البكاء وبأن تكون قوية، فأكدت قائلة: “الحمدلله أنا قوية بيه وبوجوده”.
ربما تبدو تلك المشاعر المؤثرة عادية ومتوقعة من ابنة رجل مكافح أجاد تربية أبناءه، لكنه فضل أن يجاري صاحب العمل حين اعتبر رضوخه لبعض أهواءه المريضة هو نوع من المرونة لإرضاء غرور وكبرياء هذا الطبيب المختل.
ومن المؤكد أنه سيلقى الجزاء المناسب بقضاء السماء قبل الأرض علي فعلته الشنيعة وإذلاله لتلك الأسرة بتسجيل هذا الفيديو ونشر ما ورد به من سقطات، بل إنني أعتبر ما حدث هو إرادة إلهيه حكيمة أبت أن تستره.
نقطة هامة للغاية أود التأكيد عليها وهي تخص من اتهموا الممرض على مواقع التواصل بضعف الشخصية والتواكل وسلبية رد الفعل تجاه الطبيب، وهذا خطأ كبير من أصحاب هذا الرأي، لأنهم أغفلوا وجود تلك الشريحة من المجتمع
التي تمتاز بالبساطة وتخشي مواجهة المزيد من الضغوط في حياتها، ويكفيه التفكير في توفير نفقات جهاز ابنته المقبلة علي الزواج وذاك له ظروفٌ مرضية تقلص من خيارات العمل المتاحة أمامه مقارنة بقدراته الجسمانية.. إلخ.
ومثل هؤلاء لا يملكون رفاهية مجرد تخيل كوابيس حياتهم الخانقة تتضاعف من حولهم، فيضطرون للتنازل بعض الشيء خلف الكواليس عما يخصهم من احترام لإنسانيتهم ليحافظوا علي استقرار أسرهم في هدوء تتخفى وراءه عواصف.
الشيء المحزن والمؤثر حقًا هو الرجاء الذي طلبته أبنة الرجل الممرض من لميس الحديدي في آخر اتصالها بمساعدتها علي منع انتشار فيديو التنمر علي “السوشيال ميديا” لأنه أصابهم بأذى كبير، كما طلبت من جمهور المنتقدين لوالدها بالتوقف عن استغلال طيبته وجلده أكثر من ذلك، هذه الأمنية الأخيرة التي طلبتها “مي” من المجتمع تؤكد بأن المنتقدين للرجل لا يملكون قلبًا يرحم أو عقل يفكر له قدرة على التحليل والتدبر، في نفس الوقت فإن القناة قدمت مثالًا يُحتذي به لمشاعر البنوة التي لا تضاهي.