تقرير الأمم المتحدة.. وسام دولي على صدر مصر

تقرير يكتبه: هاني الجمل

شهادة دولية جديدة تضاف لرصيد مصر، وتكلل جهودها التي تستهدف الإنسان، باعتباره المحرك الرئيسي لعجلة التنمية في أي دولة.

هاني الجمل
هاني الجمل

الشهادة الجديدة صادرة هذه المرة من أعلى جهة دولية معنية بنمو وتطوير الإنسان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي أصدر تقريراً مهما حول التنمية البشرية في مصر 2021 ، تحت عنوان “التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار.

ومما يزيد من أهمية التقرير – وهو الثاني عشر في سلسلة تقارير التنمية البشرية الوطنية التي دأبت مصر على إصدارها منذ عام 1994، – أنه يصدر وفق قواعد ومعايير دقيقة لا مجال فيها للمجاملة أو التحيز.

فالتقرير كما قالت رنده أبو الحسن، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر” يؤكد التزامَ مصر بالنهج التنموي الذي يضع البشر في قلب عمليات التنمية، ويركز على الإنسانَ كمحرك لعجلة التنمية والمستفيد الأول من إنجازاتها، وهذا هو نهجُ التنمية البشرية حسب تقريرِ الأمم المتحدة للتنمية البشرية على مدى الأعوامِ الثلاثين الماضية، وأصبح اليوم هي المرجع الأساسي ذو المصداقية الأعلى حول التنمية، الذي تعتمده كل بلدان العالم وتؤسس عليه عملها في التخطيط وصياغة السياسات التنموية.”

وحرص الرئيس السيسي على حضور إطلاق تقرير الأمم المتحدة، في رسالة بالغة الذكاء على اهتمام القيادة المصرية بالإنسان، كما أكّدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، حيث قالت ” إن استراتيجية التنمية المستدامة.. رؤية مصر 2030، تستهدف بالأساس تحسين جودةِ الحياةِ للمواطن المصري انطلاقاً من ايمان يقين بأن الإنسان هو الفاعل الرئيس في تحقيق التنمية وهو أيضاً غايتها المنشودة”.

تقرير الأمم المتحدة يؤكد حرص الدولةِ المصرية على تكثيف الاستثمار في البشر، والإقدام على إصلاحات جادة، وتنفيذ مشروعات ومبادرات تنموية كبرى في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والمرافق، لتوفير الحياة الكريمة للمصريين، مع إيلاء أهمية قصوى، لتمكين الشباب والمرأة سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، في إطارِ توجهٍ أعمَّ وأشملَ لضمانِ حقوقِ الإنسانِ، وفي مقدمتها الحق في التنمية.

كما أن تقرير الأمم المتحدة لم يأت من فراغ، بل بني على نتائج دراسات علمية موثقة ومعايير دولية دقيقة، ومؤشرات تم رصدها في الأتي:

التقرير الدولي رصد استثمار مصر في تنمية رأس مالها البشري في مجالات التعليم والصحة والسكن اللائق، وأشار إلى تحسن مؤشرات اتاحة التعليم ما قبل الجامعي بين العامين 2010 و2020، إذ ارتفعت معدلات قيد الطلاب في كافة مراحل التعليم وتلاشت الفجوة النوعية بين الجنسين في مراحل التعليم ما قبل الجامعي، وانخفضت معدَّلات التسرب بالنسبة لمرحلة التعليم الإعدادي من 5.5٪ للبنين و4.7٪ للبنات في عام 2010/2011 إلى 2.8% للبنين و2.6% للبنات في 2018/2019.

كما ارتفعت معدلات الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، وكذلك معدلات الانتقال من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية (بشقّيها العام والفني)، كما زادت الطاقة الاستيعابية لمنظومة التعليم العالي مع افتتاح عدد من الجامعات الأهلية الجديدة والمتخصصة في التكنولوجيا.

وفي المجال الصحي يرصد التقرير أن صحة المصريين قد تحسنت بشكل عام، وارتفع متوسط العمر المتوقع عند الميلاد فيها من 70.3 عام في 2010 إلى نحو 71.8 عام في 2018، وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في مصر من 28.8 طفل إلى نحو 20.3 طفل لكل ألف مولود حي بين الأعوام 2010 و2019.

وأشاد التقرير بتجربة مصر الرائدة عالمياً في مواجهتها فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي – فيروس سي، بعد أن نجحت في شفاء المصابين منه بنسبة تجاوزت 98%، من خلال الحملة القومية للقضاء على الفيروس والتي انطلقت في عام 2014، وأسهمت في تحقيق وفرة مالية في تكلفة العلاج بلغت نحو 8 مليارات جنيه. كما رصد التقرير جهود مصر من خلال برنامج الإسكان الاجتماعي، وقال إن عدد المستفيدين من البرنامج بلغ حتى يونيو 2020 قرابة 312 ألف مصري، حصلوا على دعم نقدي من الحكومة وصل إلى 4.9 مليار جنيه، وبتمويل عقاري في حدود 30.8 مليار جنيه.

كما رصد التقرير نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، وخفض معدلات الدين العام ، وسد فجوة ميزان المدفوعات وإعادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغ معدل النمو 3.6 % في 2019 / 2020 ، و2.8 % في 2021/2020 مع توقع معدل نمو 5.4 % في العام المالي 2021 /2022.

ويحسب لمصر أنها عكفت -حسب التقرير- على تعظيم الاستفادة من أصولها الطبيعية وشرعت في تبني نهج الإدارة الواعية بالمخاطر البيئية وأهميتها للتنمية المستدامة، وضرورة دمجها في مختلف القطاعات الاقتصادية. ولم يغفل تقرير التنمية البشرية، جهود مصر في ترشيد استخدام المياه وتحسين منظومة الري من خلال مشروع ضخم لتبطين الترع ودراسة حلول غير تقليدية لتأمين احتياجاتها المستقبلية منها، مثل تحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الري والصرف الصحي، إلى جانب اصلاح منظومة الطاقة وترشيد دعمها وزيادة اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة من خلال انشاء واحدة من أكبر المحطات عالميًا لإنتاج الطاقة الشمسية.

وفي شهادة لافتة لها أبعادها الدولية، أبرز التقرير جهود القيادة السياسية المصرية في تعزيز إدماج المرأة وقضاياها في السياسات المختلفة، وتعزيز دورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث تشهد مصر منذ عام 2014 جهوداً كبيرة لتعزيز دورها وتمكينها كشريك لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة. كما تبنت مصر في عام 2017 استراتيجية وطنية لتمكين المرأة تعد الأولى من نوعها في العالم في إطار أهداف التنمية المستدامة 2030 على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

ولم يكتف التقرير بذلك بل ضرب المثل بما وصلت إليه المرأة المصرية وتقلدها لكثير من المناصب التي لم تصل لها من قبل، حيث تجاوز تمثيلها في مجلس النواب (28%) وفي مجلس الشيوخ (14%)، رغم ان الحدود الدنيا المنصوص عليها في الدستور تبلغ (25% و10%)، الى جانب ارتفاع حصتها في مجلس الوزراء إلى 25% من الوزراء و27% من نواب الوزراء و31% من نواب المحافظين.

ويتتبع التقرير سعي مصر لتعزيز الحوكمة من خلال سياسات وبرامج واضحة في مختلف المجالات والقضايا والقطاعات لتطوير وإصلاح الجهاز الإداري للدولة لرفع كفاءة أدائه وفعاليته في تقديم الخدمات الأساسية.

ويشير التقرير في هذا السياق إلى تبنى مصر في عام 2014 رؤية الإصلاح الإداري للوصول إلى جهاز إداري كفء وفعَّال، يتَّسم بالحوكمة، ويخضع للمساءلة، ويُسهم في تحقيق الأهداف التنموية الوطنية، ويُعلي من مستوى رضاء المواطن.

كما عملت مصر في هذا الإطار على تعزيز آليات المساءلة، ففَّعَّلت دور أكبر لنظم متابعة وتقييم الأداء الحكومي وطورت نظم الإدارة المحلية لتعزيز اللامركزية ورفع جودة تقديم الخدمات في ربوعها واتخذت خطوات جادة لتعزيز الشفافية وتحسين التواصل مع المواطنين في مختلف الأمور وبوسائل متعدِّدة ولتعزيز المساءلة ومكافحة الفساد وطورت آليات جديدة لمشاركة الشباب في صنع وتنفيذ السياسات العامة وتأهيلهم لقيادة العمل السياسي والإداري والمجتمعي.

كما خطت مصر – كما سجل التقرير الدولي -خطوات مهمة نحو التحول الرقمي والشمول المالي وتعميم التكنولوجيات المالية وإدماجها عبر كافة معاملاتها، فتبنت إصلاحات تشريعية ومؤسسية ووجهت استثمارات كبيرة إلى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتعزيز البنية التحتية المعلوماتية.

الخلاصة.. هكذا جاءت شهادة الأمم المتحدة شفافة وواضحة وبلا مجاملة أو تحيز، لتؤكد للجميع أن مصر الرائدة في محيطها العربي والإقليمي، قادرة على تحقيق الأهداف النبيلة التي تحددها المنظمة الدولية، ويجمع عليها المجتمع الدولي، معتمدة في ذلك على قدرة الإنسان المصري الوفي لصنع المستحيل، وهو ما تراهن عليه قيادة هذا الوطن باعتباره المحرك الأساسي لقاطرة التنمية والمستهدف من كل إنجازاتها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى