هيومان رايتس.. أكاذيب تدحضها حقائق
تقرير يكتبه: هانى الجمل
ماذا تريد منظمة هيومان رايتس من مصر، ومن أعطاها الحق لتكون خصماً وحكماً في أمور لا تدري ولا تعلم عنها شيئاً، ولا تملك أدلة على ادعاءاتها؟!
وهل هناك علاقة بين تقرير المنظمة وإعلان واشنطن حجب إدارة الرئيس جو بايدن 130 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر، حتى تتخذ القاهرة خطوات محددة تتعلق بحقوق الإنسان؟!
خرس المنظمة وعماها
لن نتوقف كثيراً عند صمت منظمة هيومان رايتس إزاء ما يدور في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من قمع وتنكيل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالفلسطنيين، ولن نستعيد مآسي المعتقلين في سجن جوانتانامو الأمريكي ومن قبل في سجن أبو غريب في العراق، لن نتوقف عند ذلك أو غيره في كثير من الدول التي تتقاطع مصالحها مع السياسة الأمريكية، بل سننحي كل ذلك جانباً، ونبقى مع تقرير المنظمة فيما يتعلق بحقوق الإنسان في مصر.
فتقرير المنظمة الذي يقع في ثمانين صفحة حبلى بالأكاذيب يدعى أن قوات الأمن المصرية، متورطة في عمليات قتل مشبوهة، وإعدامات خارج القضاء، ويطالب شركاء مصر الدوليين، بوقف تصدير الأسلحة إليها وفرض العقوبات عليها”.
ويدعي تقرير هيومان رايتس أيضاً ” أن عناصر الشرطة المصرية قتلت في السنوات الأخيرة، عشرات الإرهابيين في جميع أنحاء البلاد، في إعدامات غير قانونية خارج نطاق القضاء، ويخلص إلى القول إن المسلحين الذين قتلوا في الاشتباكات المسلحة لم يُشكلوا، حسب رأيها في حالات كثيرة، خطراً وشيكاً على قوات الأمن أو غيرها.. وهل يمكن لعاقل أن يصدق ما تقوله هذه المنظمة المشبوهة في رسالتها التي باتت معروفة للجميع؟!.
وبات من الواضح للجميع أن منظمة هيومان رايتس المسيسة لا تقدم دلائل حقيقية، على ما تورده في تقاريرها، التي تجافي الحقيقة، وليتها تتوخىي الدقة، فيما تنشره بشأن حقوق الإنسان في مصر.
ماذا تريد؟!
هل المطلوب من مصر العفو عن قتلة هشام بركات النائب العام السابق الذي اغتالته يد الغدر وهو في طريقه لأداء عمله؟، هل المطلوب التعامل برأفة مع الإرهابيين الذين قتلوا الرائد أحمد المنسي ورفاقه من الجنود المصريين في سيناء وفي ليبيا ؟ هل المطلوب التساهل مع من يعتدون على الكنائس ويحرمون إخواننا الأقباط من أداء شعائرهم بسكينة واطمئنان؟ ألم تجر لكل هؤلاء الإرهابيين محاكم عادلة وسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم وتوكيل محامين لهم؟
لقد تغاضت هيومان رايتس عن كل الخطوات التي اتخذتها مصر في مجال حقوق الإنسان، وكان آخرها اطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل أيام قليلة “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، لتطوير سياسات وتوجهات الدولة، في التعامل مع الملفات ذات الصلة، لتعزيز احترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ومن العجيب أن تدير المنظمة المذكورة ظهرها لكل النقاط الإيجابية والمضيئة التي جاءت في تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حول التنمية البشرية في مصر 2021، وهو تقرير يصدر وفق قواعد ومعايير دقيقة لا مجال فيها للمجاملة أو التحيز.
التزام مصر
فالتقرير كما قالت رنده أبو الحسن، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر” يؤكد التزامَ مصر بالنهج التنموي الذي يضع البشر في قلب عمليات التنمية، ويركز على الإنسانَ كمحرك لعجلة التنمية والمستفيد الأول من إنجازاتها.
ما تضمنه تقرير هيومان رايتس حول حقوق الإنسان في مصر، ليس غريباً على منظمة تؤكد كل يوم أنها مشبوهة ولها مصلحة في تشويه صورة هذا الوطن، فمصر في عهد الرئيس السيسي ليس لديها ما تخفيه بخصوص هذا الملف، حيث تقوم وزارة الداخلية المصرية باتخاذ كل الإجراءات في حدود القانون وقواعد الاشتباك.
فالمنظمات التي تزعم انتهاك وزارة الداخلية المصرية لحقوق الإنسان لها أجندات مشبوهة وتستقي معلوماتها، من مصادر لها مصلحة في تشويه كل الإنجازات المصرية في مجال حقوق الانسان بتمويل من قبل منظمة العفو الدولية التي دأبت على ترويج أكاذيب جماعة الإخوان المحظورة، التي لها سجل حافل من الإرهاب والقتل وترويع الآمنين.
لم ولن تكون
فادعاءات هيومان رايتس، لم ولن تكون الأخيرة التي تستهدف تزييف الحقائق لحساب تنظيمات إرهابية تستهدف اثارة الفوضى في مصر التي قطعت الطريق على كل مخططات التنظيم الدولي لجماعة الاخوان الإرهابية.
ولا يخفى على أي مراقب لتك المنظمة المشبوهة أن الأكاذيب التي دأبت على نشرها كل عام ضد مصر، إنما تستهدف التدخل بالشئون المصرية الداخلية؛ تحقيقاً لأجندات مشبوهة تعتمد على مصادر جمع معلومات لها مصلحة مباشرة في زعزعة الاستقرار الداخلي للبلاد بتمويل من دول وجهات معادية لها.
المعونة
وننتقل مكاناً ونبقى موضوعاً، حيث أعلنت واشنطن حجب إدارة الرئيس جو بايدن 130 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر، حتى تتخذ القاهرة خطوات محددة تتعلق بحقوق الإنسان، وهو أمر يحتاج الى وقفة موضوعية مع الصديق الأمريكي وكيف ينظر إلى مساعداته التي يتكرم بها علينا منذ عام 1946، حينما أرسل إلى مصر 9.3 مليون دولار، وفقًا لما نقلته الورقة البحثية لمركز البحوث التابع للكونجرس الأمريكي.
فالمساعدات الأمريكية مرت عبر هذه السنوات بمراحل صعود وهبوط وتأثرت إيجاباً وسلباً بموقف مصر إزاء كثير من القضايا، ومثّلت في نظر الكثيرين ورقة ضغط كبيرة على القاهرة.
ولهذا فإن المساعدات الأمريكية التي بدأت عقب توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، بقرض قيمته 1.5 مليون دولار ومساعدات بلغت 2 مليار و588.5 مليون دولار أمريكي، تحتاج إلى مراجعة حقيقية مع واشنطن التي تصف علاقاتها بمصر بأنها استراتيجية.
فكم من مرة شهدت وجهات النظر المصرية الأمريكية خلافات بسبب إصرار واشنطن على استمرار دعم منظمات المجتمع المدني مباشرة دون الرجوع للحكومة المصرية، في خطوة تعبر عن رغبة أمريكية في أن تكون مصر مسلوبة الإرادة فيما يتعلق بقراراتها الاستراتيجية.
وكما يرى الإذاعي الكبير فايق فهيم، ” فإن المعونة الأمريكية لعبت الدور الذي لعبته معاهدة لندن عام 1840، والتي ألزمت محمد علي بأن يحدد عدد جيشه وأن يترك بلاد الشام وكل المستعمرات حتى يقتصر حكمه على مصر ثم يخلفه أكبر أفراد الأسرة سنا.
فتفاصيل البروتوكولات الملحقة بهذه المساعدات تصر على تخصيص 300 مليون دولار سنوياً لتحديد النسل، وهو مطلب ديموغرافي إسرائيلي التي ترعبها قلة سكانها مقارنة بجيرانها، وكان الخبراء الامريكيون الذين يصلون إلى مصر يحصلون على رواتب مرتفعة من ميزانية المعونة.
وفي هذا الإطار يقول أحد مراقبي التفاوض بين مصر والولايات المتحدة، إن الأخيرة تحرص على فرض الأمر الواقع بحجة أن أموالها تعود إلى دافع الضرائب الأمريكي الذي يسأل عن العائد من ورائها، ولا بد للجانب الأمريكي أن يضخم العائد بما يفوق الفائدة التي تحصل عليها مصر، ويضعون بذلك المفاوض المصري أمام جدار الرفض الصلد لأنه لا يستطيع أن يحدد سياسة الولايات المتحدة.
أسئلة مشروعة
وهنا نتساءل.. لماذا لا تقدم الولايات المتحدة مساعدات حقيقية لمصر، فالبقرة الأمريكية تنتج 40 كيلوجراما من اللبن، والمصرية لا تتجاوز ثلاثة كيلو جرامات، فلماذا لا تعطي أمريكا هذه الخبرة لمصر الفقيرة، وعود الذرة الأمريكي يحمل ستة عرانيس، بينما لا يحمل العود المصري أكثر من اثنين، وهكذا الحال في مختلف مفارق الطعام، ولكنها معونة مشروطة ولها بدايات ونهايات وأهداف محددة أهمها تحجيم دور مصر في محيطها العربي والإقليمي والدولي.
في ضوء كل تلك الحقائق نتساءل.. هل يمكن لمصر أن ترفض المعونة الأمريكية، أسوة بألمانيا المستفيدة الأولى من مشروع مارشال والتي رفضت أن يكون صعودها مرهوناً بالعطاء الأمريكي، لكن سواعد الألمان هي التي أقامت الصرح الاقتصادي العملاق. أمّا قصة ماليزيا وكوريا واليابان مع المعونات الأمريكية فتستحق وقفة ودراسة فهذه الدول تلقت المعونة الأمريكية، ولكنها كانت تدرك أن المعونة التي لا يصاحبها عمل جديد وجاد وخطط وطنية تنبع من صالح الوطن هي أشبه بالقيد الحديدي الذي يبقي الشعوب في الضائقة، وهذا ما حدث لتايلاند رغم تحررها في السنوات الأخيرة.
أمّا ماليزيا فقد وجهت جهدها للتعليم والبحث العلمي والابتكار فحققت نهضة نقلتها تحت أعين الأمريكيين الحانقة إلى دولة قوية ليبدأ دور أمريكي آخر ضد مهاتير محمد الذي قاد بلاه بنجاح نحو التقدم والتخلص من التبعية الأمريكية.
أمّا كوريا فقد اكتشفت درباً لم يخطر على بال الأمريكيين وهو ما فعلته إيطاليا في أوروبا من خلال تبني الصناعات الصغيرة، وظلت تطورها حتى وصل متوسط دخل الفرد إلى 20 ألف دولار. أمّا اليابان صاحبة ــ ثاني اقتصاد في العالم ـــ فقد حققت ما حققته ألمانيا ولم تجعل المعونة الأمريكية سيفاً يقطع أوصالها ويلغي قرارها.، وهذا ما نتمنى حدوثه على أرضنا الغالية.
في ضوء كل ذلك لا يمكن لعين المراقب ان تخطئ الترابط الزمني بين تقرير هيومان رايتس حول مصر ، وحجب واشنطن 130 مليون دولار من المعونة العسكرية لها ، ونقول للمنظمة المشبوهة ومن يقف وراءها، كفاكم كذباً وادعاءاً، وليتكم تقرأون بروية تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حول التنمية البشرية في مصر 2021، وما جاء فيه من إشادات، أمّا الإدارة الأمريكية ومساعداتها، فإننا على ثقة أن الشعب المصري الأصيل قادر على الاستغناء عنها، ليبقى قراره السياسي حراً، وبعيداً عن أي ضغوط أمريكية أو دولية .