عبير أحمد تكتب: كورونا بين البعد النفسى والاجتماعى
تتخلل كل حقبة زمنية فى العالم حقبة تشاؤمية يتصدرها دائما مجئ مرض معدى غامض يجتاح العالم فجأة، وتشكل هذه الحقبة فى طياتها مايشبه إبادة جماعية للبشر قد تكون مجهولة الأسباب رغم الاجتهادات العلمية.
ويبقى هذا المرض مجرد لغز محير لأجيال وأجيال قادمة، وقد يرجح المنطق أحيانا أن مايحدث لأسباب كونية حتى لايكتظ العالم بمزيد من المليارات من البشر على سطح الأرض ولحكمة إلهية ويعلو صوت العقل فى تساؤلات قد تكون منطقية.
ماذا إن لم تأتى هذه الأمراض وتزهق بالملاين أرواح البشر كل حقبة زمنية متفاوتة؟
وكم كان سيبلغ حصة الفرد من الماء والأكسجين واليابسة؟
أسئلة تجعلنا نرضخ للأمر الواقع رغم مرارته وننظر إلى مايحدث على أنه سنة كونية لابد منها لحفظ الاستمرارية للبشر وضمان بقائها إلى أجل مسمى.
وقد تصدّر الآن وبقوة فيروس كورونا بعد تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية أنه وباء عالمى خطير، راهنت كل معطياته على وعى الفرد، أولا، وربما راهنت على حصان خاسر فى بعض البلدان.. وربما على حصان فائز فى بلدان أخرى تختلف طبائعها الاجتماعية عن بعض.
فرضت كورونا حصارا اجتماعيا أخذ مساحة تجاوزت مايطلق عليه القطيعة الاجتماعية، وتشكيل عادات اجتماعية ربما ستخلف وراءها لاحقا عادات اجتماعية لفترة تلاشت، تؤرخ فى سجلات الأبحاث العلمية وتاريخ الأوبئة كأى مرض مر على العالم سابقا.
وستخلف كورونا آثار نفسية أيضا تضرب عرض الحائط بمفهوم الدعم الاجتماعى والفردى للمريض بعد تعافيه ويجد نفسه بعد التعافى فردا فى غنى عن الدعم النفسى والإجتماعى بصفة دائمة، ويقارن نفسه بمريض، السرطان، والكبد، والكلى، يجد نفسه أصبح منبوذا من المجتمع كفرد حامل للعدوى، ودائما ماتثبت الدراسات النفسية أنهم يتعافوا صحيا ولكنهم لا يتعافون نفسيا فى الغالب كأن كورونا جاءت لتقضى على آخر ماتبقى من صور الترابط الاجتماعي وتعيد صياغة فرد جديد يهدر حقه فى الدعم المجتمعى ويقتصر حقه على زجاجة دواء تعطى له من بعيد وترسخ عنده فكرة الاكتفاء بالذات حتى لو مرض بمرض آخر غير معدى.
ويبقى السؤال المحير هل هذا المرض ابتلاء من الله ؟! لننفرد بأنفسنا بعيد عن ضجيج الحياة فى غرفة مغلقة ؟! وهل من حقنا الإنصات لأنفسنا حتى وإن عشنا عكس بوصلة المجتمع؟! فكل إبتلاء يحمل فى عمقه حكمه فما هى الحكمة من كورونا .