القاتل “ربوت” يتم توجيهه بالأقمار الصناعية.. “الموساد” يسرّب تفاصيل اغتيال زاده

إسرائيل كانت على قناعة بأن زاده يقود جهودا لبناء قنبلة نووية لهذا قررت قتله

كتب: على طه

بعد مرور ما يزيد على السبعة أشهر على حادث اغتيال العالم النووي، الإيرانى محسن فخري زاده، القيادي البارز في الحرس الثوري، ورئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا لدى وزارة الدفاع الإيرانية، وأحد أبرز مطوري البرنامج الإيراني النووي، أعادت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، الحادث إلى واجهة الاهتمامات العالمية، وذلك بعد التقرير الذى سربته لها الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” ونشرته الصحيفة قبل ساعات، وجاء فيه أن عملاء إسرائيليين خططوا لقتل العالم النووي الإيراني الأكبر منذ سنوات، إلى أن توصلوا لطريقة تحقق هدفهم دون وجود عناصر لهم على الأرض.

بعيدا عن الأنظار

فخري زاده الذى حرصت إيران على بعيداً عن الأنظار فترة طويلة، حتى صوره كانت نادرة، ولم يعرف شكله على نطاق كبير إلا بعد مقتله فقط.

وبعد مقتله وإلى اليوم تعددت الروايات حول تفاصيل العملية والفاعلين، وردود الأفعال، لكن المعلومات الجديدة التى كشفت عنها “نيويورك تايمز” أوضحت أن زاده كان استيقظ فجر يوم الاغتيال، منطلقاً مع زوجته إلى منزلهما الصيفي في الريف الإيرانى، وبالتحديد منطقة آبسارد، وهي بلدة ريفية شرق طهران، حيث كانا يعتزمان قضاء عطلة نهاية الأسبوع، وقد فعل زاده هذا على الرغم من أن جهاز المخابرات الإيراني، كان حذره من احتمال وجود مؤامرة لاغتياله، لكنه لم يسمع لهم، واستمر يمارس حياته كما اعتاد تماما.

قررت قتله

وتضيف الصحيفة الأمريكية أن إسرائيل كانت على قناعة بأن زاده يقود جهود إيران لبناء قنبلة نووية، ولهذا قررت قتله، واتخذت هذا القرار قبل 14 عاماً، وعملت الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2004، ممثلة فى وكالة الاستخبارات الخارجية “الموساد”، على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وقد نفذت حملات تخريب وهجمات ألكترونية طالت منشآت تخصيب الوقود النووي الايراني، وكانت تنتقي بشكل ممنهج الخبراء الذين يُعتقد أنهم يقودون برنامج الأسلحة النووية الإيراني وتغتالهم.

عمليات الموساد

ويكشف التقرير أن عملاء إسرائيل اغتالوا في عام 2007، خمس علماء نوويين إيرانيين وجرحوا آخر، عمل معظم هؤلاء القتلى بشكل مباشر مع فخري زاده، على برنامج سري لبناء رأس حربي نووي، حسبما قال مسؤولو المخابرات الإسرائيلية، وقتل عملاء إسرائيليون – أيضا – الجنرال الإيراني المسؤول عن تطوير الصواريخ و 16 من أفراد فريقه، فى نفس العام، وبعدها بعامين (2009) وبينما كان فريق اغتيال إسرائيلي ينتظر فخري زاده في الموقع المخطط له في طهران، ألغت إسرائيل العملية في اللحظة الأخيرة، حيث اشتبه الموساد في أن المؤامرة قد تم اختراقها وأن إيران نصبت كميناً لهم.

وقائع يوم الاغتيال

ويحكى التقرير وقائع يوم الاغتيال فيقول: ” كان زاده يقود سيارته السوداء من نوع نيسان تينا سيدان، وزوجته كانت في مقعد الراكب المجاور له وحيدين دون مرافقة، وكان عملاء إيرانيون يعملون لصالح الموساد قد أوقفوا شاحنة بيك آب زرقاء من طراز نيسان زامياد على جانب مرتفع من الطريق الذي يربط أبسارد بالطريق السريع الرئيسي، وتحت القماش المشمع ومواد البناء في صندوق الشاحنة، كان هناك مدفع رشاش قناص عيار 7.62 ملم مخبأ، وعند الساعة الواحدة ظهرا، تلقى الفريق المنفذ للعملية إشارة بأن فخري زاده وزوجته وفريق من الحراس المسلحين في سيارات مرافقة، على وشك المغادرة إلى أبسارد، وحينها استعد القاتل، وهو قناص ماهر، واتخذ وضعه، وضبط البندقية، ورفع السلاح وأصبعه على الزناد، ولم يكن هذا القاتل إلا إنسان آلى تمت برمجته وتوجيهه بالأقمار الصطناعية لتنفيذ المهمة كالتالى:

قائد العملية لم يكن قريباً من أبسارد، بل كان ينظر إلى شاشة الكمبيوتر في مكان غير معروف على بعد مئات الأميال من مسرح الجريمة، وحتى فرقة الاغتيال بكاملها لم تكن موجودة بإيران.

لماذا نجحت العملية؟

يقول تقرير “نيويورك تايمز” أنه وفقاً لمقابلات تمت مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإيرانيين، بمن فيهم مسؤولان استخباراتيان اطلعتا على تفاصيل التخطيط للعملية وتنفيذها، وتصريحات عائلة زادة لوسائل الإعلام الإيرانية، فإن نجاح العملية جاء نتيجة لعدد من العوامل هى:

– الإخفاقات الأمنية الخطيرة التي يتحمل مسؤوليتها الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى التخطيط المكثف والمراقبة من قبل الموساد.

– اللامبالاة التي تعامل بها العالم االإيرانى فخري زاده مع التحذيرات.

– التقنية العالية التي عملت فيها إسرائيل مستخدمة الذكاء الاصطناعي وأنواع كاميرات متعددة تعمل عبر الأقمار الصناعية قادرة على إطلاق 600 طلقة في الدقيقة.

تفاصيل التنفيذ

وحانت لحظة التنفيذ حوالى الساعة 3:30 عصرا، وقد صلت سيارة فخري زاده تقريبا، قرب الشاحنة التى تنتظرها على الطريق، وتم التعرف عليه بشكل تام من قبل الذين يديرون العملية عبر الأقمار الصناعية، وقد تمكنوا أيضا من رؤية زوجته جالسة بجانبه، فأعطوا الأوامر وأطلق المدفع الرشاش رشقة من الرصاص أصابت مقدمة السيارة، ولم يتضح ما إذا كانت هذه الطلقات أصابت فخري زاده إلا أن السيارة انحرفت وتوقفت.

فقام المتحكم بإطلاق النار بتعديل الرؤية وأطلق رشقة أخرى، فأصابت الزجاج الأمامي 3 مرات على الأقل وضرب فخري زاده مرة واحدة على الأقل في كتفه، بعدها نزل زاده من السيارة، وجلس بوضعية القرفصاء خلف الباب الأمامي المفتوح.

وأفادت وكالة أنباء فارس الإيرانية، فيما بعد أن 3 رصاصات اخترقت العمود الفقري، للعالم الإيرانى، ثم انهار على الطريق، ثم ركضت زوجته إليه فقال لها: “يريدون قتلي وعليك المغادرة”، إلا أنها جلست على الأرض ووضعت رأسه على حجرها.

أما الانفجار فكان هو الجزء الوحيد من العملية الذي لم يسر كما هو مخطط له، فقد كان مخططا ضمن العملية تفجير “الربوت” المنفذ بتفجيره وتحويله إلى أشلاء حتى لا يتمكن الإيرانيون من تجميع ما حدث، وبدلاً من ذلك، إلا أن الانفجار لم يتم كما هو مخطط له، وتم إلقاء معظم المعدات في الهواء ثم سقطت على الأرض، وتضررت بشكل لا يمكن إصلاحه إلا أنها كانت واضحة المعالم.

واستغرقت العملية بأكملها أقل من دقيقة أطلق خلالها 15 رصاصة، فيما كان تقييم الحرس الثوري بأن الهجوم نُفِّذ بمدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد، مزود بنظام أقمار صناعية ذكي باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهى الرواية التى سخر منها الإيرانيون، لكن ها هى الأيام تثبت صحتها.

 

جنازة العالم الإيرانى كما نشرتها فيديوهات فى الغرب

زر الذهاب إلى الأعلى