حقيقة التعديلات القانونية التي أجرتها الإمارات وأشعلت “التواصل الاجتماعى”
كتب: عدل عبد المجيد
بتاريخ 7 نوفمبر 2020 نشرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) الخبر التالى تحت عنوان: “رئيس الدولة يعتمد تعديل أحكام قوانين ويلغي العذر المخفف في «جرائم الشرف»”.
يهمك.. اكتشاف ثروة طبيعية قد تغيّر حياة السوريين
وجاء فى الخبر: “أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة /حفظه الله/ عدداً من المراسيم بقانون لتعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية الاتحادي، وقانون المعاملات المدنية الاتحادي، وقانون العقوبات الاتحادي، وقانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.”
وأوضحت وكالة الأنباء الإماراتية أن تلك المراسيم تأتي ” في إطار سعي دولة الامارات المستمر لتطوير بنيتها التشريعية، وتعزيزاً لمكانتها الريادية كأحد أهم الدول الجاذبة اجتماعياً واقتصادياً على مستوى العالم، بالإضافة إلى التأكيد على التزامها بترسيخ مبادئ التسامح بما يتفق مع هويتها، والعمل على تعزيز قدرتها على استقطاب الخبرات والاستثمارات الأجنبية.”
وفى سرد التفاصيل جاء فى خبر الوكالة: ” تفصيلاً تتيح التعديلات على قانون الأحوال الشخصية وقانون المعاملات المدنية المجال لغير المواطنين لاختيار القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث والتركات، وذلك لتحقيق استقرار المصالح المالية للمستثمرين الأجانب في الدولة. في حين تعمل التعديلات على قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية على تعزيز ضمان الحريات الشخصية ودعم منظومة الأمن المجتمعي دون الإخلال بالثوابت والمكتسبات المجتمعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم ادخال مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات ليتم رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير، وإزالة الغموض عن بعض النصوص التي كانت قد تعتبر بأنها تشكل جريمة يعاقب عليها القانون.”
وأضاف الخبر “كما وسّعت التعديلات من نطاق تطبيق الأمر الجزائي بحيث يكون للنائب العام الاتحادي، بالاتفاق مع النواب العموم في السلطات القضائية المحلية، تحديد الجنح والمخالفات التي تطبق عليها أحكام الأمر الجزائي وذلك بهدف تيسير الإجراءات وتخفيف العبء على الجهاز القضائي خاصة في حالات الجرائم البسيطة.
وجاء فى البيان الرسمى للدولة : “وتأكيداً على التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وتعزيزاً لمبدأ سيادة القانون، تم إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى “بجرائم الشرف” بحيث تعامل جرائم القتل وفقاً للنصوص المعمول بها في قانون العقوبات.
وحرص الخبر للتوجيه بأن المراسيم تهدف إلى ترسيخ التزام دولة الامارات بأهمية توفير بيئة تشريعية تتوافق مع تعددية الثقافات والتزام الدولة ببناء بيئة اجتماعية واقتصادية تنافسية وآمنة.
وعلى الرغم من أن بعض وسائل الإعلام العربية والاجنبية نشرت الخبر فى حينه ملتزمة بنصه كما صدر عن وكالة الأنباء الرسمية دون محاولة للتغيير أو التأويل، إلا أن صحيفة “ذا تايمز” البريطانية نشرت خبرا عن التعديلات حملته بعبارات مثيرة، مثل: “الإمارات تلغي قرار معاقبة النساء في حالة الحمل خارج إطار الزواج” ، أو “أعلنت الإمارات العربية المتحدة، اليوم الجمعة، إلغاءها قرار معاقبة النساء في حالة حملهن خارج نطاق الزواج”، و “السماح لغير الكتزوجين بالسكن معا” إلى آخره.
والحقيقة، أن معظم هذه التعديلات تنسحب على الأجانب المقيمين والزائرين للبلاد، وليس للمواطنين المحليين، ويبلغ الأجانب فى الإمارات نحو 90% من عدد السكان، وغالبهم من دول شرق أسيا، ويعملون فى مجالات ووظائف الخدمة، ويحدث كثيرا أن يتم حالات حمل بينهن خارج إطار الزواج، وكانت السلطات بموجب القوانين ترفض تسجيل المولود لأبيه، ويتم طرد المرأة خارج البلاد، لكن تعديلات القوانين أتاحت تسجيل ونسب المولود لأبيه، وإذا أنكر الأخير يجبر على إجراء تحليل “دى إن أيه”
و”التشريع الجديد، وإن كان ينص على أنه يجدر بالأب والأم أن يكونا متزوجين، فإن هذا لا ينسحب بالوجوب على طلب شهادة الميلاد، إذ لم تعد مطلباً قانونيا”، كما يقول أحد كبار المحامين في دبي ومستشار للقوانين الفيدرالية في الإمارات، حبيب الملا، فالمسألة هنا لا تتعلق بضبط جريمة زنا وعدم معاقبة مرتكبيها، ولكن تسجيل مولود لا ذنب له، “كانت النساء اللاتي يصبحن حوامل وهن غير متزوجات يواجهن الترحيل أو السجن، ويجبرن على مغادرة البلاد خاصة أولاء اللاتي لا يستطعن تحمل تكاليف المغادرة، بما في ذلك الخادمات اللواتي تعرضن للاغتصاب من قبل رؤسائهن، واضطرارهن إلى الولادة سرا وتربية أطفالهن المخفيين عن السلطاتكما تقول “ذى تايمز” نفسها .
ويوضح “الملا” مع ذلك، لا تمتد تلك الإصلاحات لتشمل قوانين تتعلق بقضايا مثل الإجهاض، التي لا تزال غير قانونية.
وفيما يخص التعامل الجزائى مع جرائم الشرف، واعتبارها جرائم قتل عادية، أو كما جاء فى التعديلات “إلغاء المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى ” بجرائم الشرف” بحيث تُعامل جرائم القتل وفقاً للنصوص المعمول بها في قانون العقوبات”.
وكانت المادة الملغاة (334) تنص على عقوبة “السجن المؤقت” بحق “من فوجئ بمشاهدة” شخص آخر قريب له متلبّسا “بجريمة الزنا” فأقدم على قتل هذا الشخص أو “الزاني معه” أو الاثنين معا، يعاقب بالسجن المؤقت كانت تتراوح بين ثلاث و15 سنة، فى حين أن عقوبة جريمة القتل في الأحوال العادية تكون السجن المؤبد أو الإعدام، أو السجن سبع سنوات على الأقل “إذا عفا أولياء الدم عن حقهم في القصاص”، بحسب المادة 332 من قانون العقوبات الإماراتي.
وبإلغاء مادة تخفيف العقوبات، أصبح الجاني في “جريمة الشرف” يواجه إحدى عقوبات جرائم القتل العادية،
وحدها الأدنى 7 سنوات، وهى أقل من نصف الحد الأعلى لعقوبة جريمة الشرف التى تبلغ 15 عاما.
علما أنّه نادرا ما تبرز قضية من هذا النوع في الإمارات التي يشكّل الأجانب نحو 90 % من سكّانها البالغ عددهم حوالى 10 ملايين، وتُعتبر هذه القضية من أبرز المسائل الشائكة في العالم العربي، خصوصا في المجتمعات المحافظة التي تعتمد قوانين غالبا ما تحمي الجناة في هذا النوع من الجرائم.
ويأتى هذا فى الوقت الذى تطالب منظمات حقوقية محلية ودولية بإلغاء المواد المتعلقة بـ”جرائم الشرف” من القوانين ومعاملة هذه الجريمة كأي جريمة قتل أخرى.
وما أثار جدلًا واسعًا على وسائل التواصل هو السماح لغير المتزوجن بالعيش معا وشرب الخمر !!!! والسؤال هنا هل هذا السماح مطلق، للأجانب والوطنيين ؟ قبل الإجابة على السؤال انظر ولك واجب على لسؤال: كم دولة عربية تمنع إقامة الأجانب غير المتزوجين معا؟!، وكم منها تمنع إطلاقا شرب الخمر ؟!
وجاء فى خبر “ذا تايمز” حول هذا الإجراء أن سن قوانين جديدة للبلاد تأتى في خطوة من الإمارات نحو الإصلاحات القانونية المتعلقة بالمجتمع وضمان توافقها مع تعددية الثقافات، خاصة وأنها في نوفمبر.
أما الضجة فمصدرها وسببها الحقيقى التحركات الإماراتية الأخيرة نحو إسرائيل، والتى لابد أن تدفع الإمارات ثمنها، مثلما دفعت مصر الثمن بعد زيارة الرئيس السادات للقدس، وتوقيعه على اتفاقيتى “كامب ديفيد”، و “السلام.”