هاني الجمل يكتب: الرئيس السيسي وخصومة الفساد
بكلمات واضحة لا تقبل التأويل، جاءت تحذيرات الرئيس عبد الفتاح السياسي لكل من توسوس له نفسه بالتعدي على الأراضي الزراعية والمنشآت وجسور الترع، معتبراً أن ذلك يمثل قضية أمن قومي. ولم يتوقف الرئيس السيسي عند حدود التحذير، بل حسم الموقف برمته حينما أعطى للحكومة مدة ستة أشهر لإزالة كل التعديات التي وقعت على الأرض منذ ثلاثين عاماً.
ولقد أحسن الرئيس السيسي صنعاً، حينما اقتحم هذا الملف الشائك ورسم خارطة طريق واضحة المعالم لإنهاء كل مظاهر التعدي من جانب المواطنين على أملاك الدولة، وإن تطلب الأمر تدخل وزارة الداخلية والمحافظات والجيش، ووقف كل أشكال الدعم الذي تقدمه الحكومة للمخالفين من خبز أو تموين وخلافه.
وضرب الرئيس السيسي المثل على الأثر السلبي الذي تتركه التعديات على الجسور والترع، على كميات المياه الواردة للمزارعين، موضحًا أنّ فرع رشيد كان يمر به 80 مليون متر مكعب من المياه، وبسبب التعديات أصبحت كميات المياه 30 مليون متر مكعب فقط، والأمر ذاته في فرع دمياط.
وإذا كانت لغة الأرقام هي الأكثر صدقاً، فإن اللغة ذاتها تقول إن إجمالي مساحات الأراضي المتعدى عليها بكافة محافظات مصر بلغت 1.9 مليون فدان، وإن حالات التعديات على الأراضي الزراعية بلغت 1.7 مليون حالة منذ اندلاع ثورة يناير وحتى الآن، أزيل منها 380 ألف حالة فقط، وأن تقنين أوضاع الأراضي المنهوبة والمتعدى عليها أو استرجاعها، سيجلب ما يقرب من 250 مليار جنيه لخزينة الدولة.
وهنا نتساءل.. أليست تلك ثروة مهدرة تستحق المتابعة الحثيثة من جانب الدولة بكل أجهزتها؟
بالتأكيد الأمر يستحق المتابعة لترجمة خطة الطريق التي أعلنها الرئيس السيسي والتي تحتاج إلى تضافر جهود الحكومة والمحافظين والجيش والشرطة كي تسترد الدولة ما نهبه المتلاعبون بمقدرات هذا الوطن. ولتحقيق هذه الغاية، فإن الحكومة تدرس حالياً – كما كشف مصدر مسؤول بوزارة الزراعة- توحيد ولاية جميع أراضي الدولة لجهة واحدة، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد على الحفاظ على الأراضي، بحيث تكون تحت جهة إشراف قوية ولها سلطات عالية. كما يجب معاملة جميع الناهبين لأراضي الدولة والمتعدين عليها معاملة واحدة، والنظر إليهم نظرة المخالفين المغتصبين لحق الدولة والمواطنين.
تحية اعزاز وتقدير للرئيس السيسي الذي اقتحم هذا الملف الشائك بقوة ، ورسم خارطة طريق واضحة المعالم ، وقطع الطريق على المتلاعبين بمقدرات الوطن حينما قال بوضوح ” بيني وبين الفساد خصومة”.