وائل نجم يكتب: الشعب والجيش فى حرب السادس من أكتوبر
لم يشهد التاريخ هذا الارتباط القوي بين شعب وجيشه في السلم والحرب كما هو الحال في مصر، فحرب أكتوبر واحدة من أشهر الحروب المصرية والعربية، التي كانت نقطة تحول في التاريخ المصري بعد أن نجحت في استعادة الأرض المحتلة وهى أول هزيمة للكيان الصهيوني والتي كانت السبب في القضاء علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر رحم الله شهداء أكتوبر.. وحفظ الله مصرنا الغالية.
وفى الذكرى الـ 48 للنصر فى حرب أكتوبر المجيدة نتذكر معا روح أكتوبر وأصالة المصريين وعظمتهم وكيف تحقق النصر
إن السادس من أكتوبر هو بمثابة فخر للمصريين جميعًا، بحيث نجد أن كل جندي قام بواجبه على أكمل وجه لكي يقضي على العدو في أرض سيناء، فلقد دفع حب البلاد داخل الجنود إلى التصدي بكل قوة وعدم خوف أمام العدو
وكيف كانت قواتنا المسلحة على قدر من المعرفة والعلم والتطور الذي جعلها تخوض الحرب بكل قوة وعراقة وصمود
ويصف المؤرخون حرب أكتوبر بأنها الحرب الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية حيث قلبت موازين القوى وابهرت العالم بعد أن أجمع خبراء عسكريون على استحالة تنفيذ فكرة العبور .. ولكن عبقرية التخطيط وعنصر المفاجأة وعزائم المصريين حققت المستحيل
ومن أهم أسباب نصر حرب اكتوبر هي استعادة الروح القتالة والتخلص من حالة الاحباط التي تواجدت بعد حرب يونيو 67، ومحاولة كسر حاجز الخوف والقضاء على أسطورة الجيش الذي لا يقهر مما أدى إلى رجوع الثقة بين القوات المصرية والعربية، وكان من أسباب نجاح حرب اكتوبر إنهاك قوة العدو القتالية من خلال حرب الإستنزاف وبعض العمليات الخاصة التي قام بها كل من القوات المصرية والسورية .
وساعد عنصر المفاجأة الذي اتبعته كل من القوات المصرية والسورية في الحرب على نجاح الحرب، حيث حرصت القوات علي تمويه العدو وتبليغهم معلومات عن عدم وجود نية لحرب جديدة، والالتزام بالسرية التامة في عدم معرفة موعد الهجوم، مما أدي إلى عدم سيطرة القوات الاسرائلية عن قواتها، كما ساعد هذا التوقيت خاصة أنه كان في شهر رمضان على مفاجأة العدو الاسرائيلى
وكان لعنصر التخطيط دور قوي في نجاح حرب اكتوبر، حيث لم تنتظر القوات أي شيء للصدفة فكل شيء كان مخطط حدوثه وفي موعد محدد في سلسلة من العمليات العسكرية بداية من تدمير خط برليف حتى تتمكن القوات المصرية من التقدم، ومهاجمة الدبابات الاسرئلية ومنعها من التقدم نحو القوات المصرية، ودور قوات الدفاع الجوي في التشابك مع المقاتلات الإسرائيلية، ومنع الطائرات الإسرائيلية من العبور إلى قناة السويس، والقيام بعدة هجمات على القوات الاسرئيلية
وقامت الاستراتيجية العسكرية على أن تكون استراتيجية هجومية تستهدف هزيمة التجميع الرئيسي للقوات الإسرائيلية في سيناء وفي تنسيق تام مع سوريا وطبقا للإمكانيات والموارد المتاحة للقوات المسلحة.
كانت الخطة تعتمد على مفاجأة إسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وخداع أجهزة الأمن و الاستخبارات الإسرائيلية الأمريكية، من أجل استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ، في يوم 6 أكتوبر الذي وافق عيد الغفران اليهودي.
وقامت القوات السورية بالهجوم على تحصينات القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وعمق شبه جزيرة سيناء.
بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973 بهجوم مفاجئ من الجيشين المصري والسوري على القوات الإسرائيلية، وتحققت الهدف من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، وتوغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.
اقرأ أيضا.. السيسي: أهالي سيناء جزء من الشعب المصري ودورهم كبير في حرب أكتوبر
وبدأت مصر الحرب بضربة جوية تشكلت من 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة فى وقت واحد، استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
وبعدها بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية، و هاون ولواء صواريخ تكتيكية ارض بقصف مركز لمدة 53 دقيقة صانعة عملية تمهيد نيراني من اقوي عمليات التمهيد النيراني في التاريخ.
وبدأت بعدها عمليات عبور مجموعات اقتناص الدبابات قناة السويس، لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل في عمليات عبور القوات الرئيسية وعدم استخدام مصاطبها بالساتر الترابي علي الضفة الشرقية للقناة.
وفي الساعة الثانية وعشرين دقيقة اتمت المدفعية القصفة الأولي لمدة 15 دقيقة، وفي توقيت القصفة الثانية بدأت موجات العبور الأولي من المشاة في القوارب الخشبية والمطاطية.
ومع تدفق موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقي للقناة خمسة رؤوس كباري.
ومع عبور موجات المشاة كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات في الساتر الترابى لخط بارليف، وحين فتح الثغرات قامت وحدات الكباري بإنزالها وتركيبها في خلال من 6-9 ساعات.
وفى خلال الظلام أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف مقاتل مشاة و 800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع.
ونجحت مصر وسوريا في تحقيق النصر، حيث تم اختراق خط بارليف، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت القوات السرائلية من استخدام انابيب النابالم، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في مرتفعات الجولان وسيناء، و أجبرت اسرائيل على التخلي عن العديد من أهدافها مع سورية و مصر، كما تم استرداد قناة السويس و جزء من سيناء في مصر، و القنيطرة في سورية.
وعلى الفور اضطرت أمريكا للدخول في الحرب بشكل مباشر، في محاولة منها لإنقاذ حليفتها الصغرى من انهيار تام لجيشها، إذ تدخلت في اليوم الرابع عن طريق تشكيل جسري جوي لنقل الجنود والسلاح ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل.
وانتهت حرب أكتوبر في الحادي والثلاثين من شهر مايو من عام 1974م وذلك بعد توقيع معاهدة لفك الاشتباك بين الطرفين
ولعبت الدبلوماسية دورًا كبيرا في إنهاء الحرب، حيث توسط وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر بين الجانبين ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية بين سوريا وإسرائيل وبدلت مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في “كامب ديفيد” 1979.