هاني الجمل يكتب: مهرجان الجونة بين الفن والتعري
بداية دعونا نتفق على أهمية الفن ورسالته السامية لجميع الشعوب وفي كل الأزمنة، وليس لدي أي تحفظ على دور الفنانين باعتبارهم أحد أدوات القوة الناعمة في تنوير وتثقيف المجتمعات.
ولن نختلف على أهمية المهرجانات ودورها في تبادل الثقافات، من خلال ما يعرض خلالها من أفلام، وما يقدم من جوائز لأفضلها، وما يعقد من ندوات لكبار الكتاب والمهتمين بالشأن الثقافي، وبالتالي نقل صورة حضارية عن البلد المضيف وتاريخه ومدى احترام شعبه لهذه الرسالة السامية.
وهنا نتساءل.. أين مهرجان الجونة السينمائي من كل تلك الأهداف والغايات النبيلة؟ وما علاقة الفن الراقي بـ “التعري الفاحش”، الذي أصبح سمة منتشرة لدى الفنانات اللواتي شغلن أنفسهن والأخرين بكيفية المرور على السجادة الحمراء التي استخدمها البابليون أول مرة في القرن الخامس قبل الميلاد عند استقبالهم للملك الإغريقي أجا ممنون.
ونتساءل أيضاً لماذا لا نعطي الاهتمام الأكبر لما يعرض من أفلام خلال المهرجان وعددها، 52 فيلماً روائياً طويلاً تمثل 36 دولة، و 15 فيلماً وثائقياً، و 23 فيلماً قصيراً من 22 دولة، خاصة أن بعضها يستحق المشاهدة والنقاش؟ هل يدرك صناع الحدث والفنانات خصوصاً، الأثر السيئ الذي تتركه تلك الصور على مجتمع محافظ بطبيعته، وبه طبقات كثيرة فقيرة مع عشقها وتقديرها للفن الراقي؟ أعرف مقدماً أن الرد على كلماتي سيكون قاسياً وربما يتهمني البعض بأنني اخواني منغلق الفكر وما زلت أعيش في القرون الوسطى، كما قال منظم المهرجان نجيب ساويرس.
والرد على ذلك بسيط وأقول له ولمن يؤمنون بفكره، راجع مقالاتي المتعددة في صحيفة الرؤية الإماراتية ليعرف الجميع موقفي من جماعة الاخوان الإرهابية. وإذا كان البعض يرى في مهرجان “التعري” في دورته الخامسة ترويجاً سياحياً، فإن هناك سبلاً أخرى كثيرة لتحقيق هذا الهدف دون أن نتخلى عن قيمنا الإسلامية والمسيحية.
طالع المزيد| شاهد واسمع ما قاله والد ياسمين صبري عن الشهرة والمال اللذان غيرا ابنته
ويرى كثير من النقاد أن الحدث الذي أصبح يعرف بـ”مهرجان الفساتين” لنجمات السينما، يعد سبة في جبين المهرجان، حيث يذهب عدد كبير من النجوم للمهرجان بسبب نجيب ساويرس وليس بسبب كونه مهرجاناً فنياً، حيث إن منظمه من منتجي الأفلام، ويتطلع ربما هؤلاء للمشاركة فيها، والدليل أن مهرجان القاهرة السينمائي الذي يعد أهم مائة مرة من مهرجان الجونة لا يحضره كثير من النجوم.
ورغم كل تلك الانتقادات فإن مهرجان الجونة السينمائي وضع نفسه على خريطة المهرجانات الدولية، وبات هناك الكثير من المخرجين الذين يرغبون في عرض أفلامهم لأول مرة في هذه المدينة الجميلة.
ويحسب للمهرجان أيضاً إقامة مسابقة جديدة لأول مرة تختص بأفلام البيئة، تتنافس عليها خمسة أفلام، كما يتنافس على جائزة الجمهور (سينما من أجل الإنسانية) 12 فيلماً.
خلاصة القول: مطلوب من منظمي مهرجان الجونة، إعطاء الأولوية لتكريم رموز الفن في عالمنا العربي وتشجيع أعمالهم، مع إعطاء فرصة أكبر للشباب للمشاركة في هذا الحدث الفني، مع تخصيص جزء من الأموال التي تنفق عليه في إنتاج أفلام سينمائية هادفة تضاهي أفلام الزمن الجميل وتلامس واقع المجتمع.