نص كلمة الرئيس السيسى فى القمة الثلاثية
كتب : أحمد السيد
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، اليوم الثلاثاء، كلمة فى مستهل أعمال القمة الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان.
إقرأ أيضًا:بالفيديو..السيسي يلتقط صورة جماعية فى أثينا
وجاء نص الكلمة كالتالى:-
صديقى العزيز دولة الرئيس كيرياكوس – رئيس وزراء جمهورية اليونان،
صديقى العزيز فخامة الرئيس نيكوس رئيس جمهورية قبرص،
يغمرنى شعور متجدد بالسرور كلما تواجدت على أرض هذا البلد الصديق الذى لا يخفى عليكم ما يجمعه بالشعب المصرى من إرث حضارى عريق وروابط تاريخية مشتركة على مر العصور والأزمنة، وبينما أتوجه لكم دولة الرئيس كيرياكوس بعميق الشكر على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، فإننى على ثقة تامة من إدارتكم الحكيمة لفعاليات هذا الاجتماع التاسع للآلية التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص.
الشركاء الأعزاء،
اسمحوا لى أن أستهل كلمتى بالتنويه اللازم إلى اعتزازنا الكبير يما حققته آلية التعاون الثلاثى بين بلادنا حتى الآن، حيث نجحت شراكتنا منذ تدشينها قبل نحو ثمانية أعوام فى تكريس أهمية التشاور الدورى والتنسيق الوثيق بيننا حول الملفات الإقليمية والدولية التى تؤثر على بلداننا وجميع شعوب المنطقة، وعكست كذلك التزامًا متبادلاً بتمكين هذا النسق من التعاون من ترجمة تحركاته السياسية والدبلوماسية إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع، وفى مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، وبالإضافة لذلك، فقد شهدت الآونة الأخيرة تحديات وأزمات طارئة مثل حرائق الغابات، ومن قبلها جائحة كورونا المتسببة فى تحديات صحية واقتصادية صعبة، أظهرت كلها استعداد الدول الثلاث لدعم بعضها البعض فى المواقف الصعبة،
واسمحوا لى فى هذا السياق أن أتقدم بخالص الشكر لشركائنا اليونانيين والقبارصة على تقديم شحنات التطعيمات ضد فيروس كورونا دعمًا للجهود المصرية لمواجهة الجائحة، وإعلاءً لقيم التضامن بين الأصدقاء فى وقت الشدة.
الأخوة الأعزاء
على مدار الأعوام القليلة الماضية، أسهمت آلية التعاون الثلاثى فى الاتفاق على مشروعات للتعاون فى قطاعات الطاقة والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، كما أن ثمة آفاقٍ واعدة لتعزيز روابط التعاون بين دولنا الثلاث فى عدد آخر من القطاعات الحيوية كالسياحة والبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخي، ننطلق فيها استنادًا إلى حرصنا المتبادل على الاستفادة القصوى من إمكاناتنا ومواردنا التى تؤهلنا لتحقيق تطلعات شعوبنا نحو مزيد من الرفاهية والرخاء.
وبالنظر لما توليه مصر من اهتمام بتعزيز التعاون بين دولنا الثلاث فى مجالات الطاقة سواءً بشقها التقليدى أو ارتباطًا بمصادرها المتجددة، فإنه من دواعى سعادتى الشخصية أن أكون شاهدًا معكم اليوم على توقيع الاتفاق الثلاثى فى مجال الربط الكهربائى للبناء على ما جرى منذ أيام بإبرام اتفاقيتيّن ثنائيتيّن لربط الشبكة الكهربائية فى مصر مع كل من اليونان وقبرص على المستوى الثنائى، الأمر الذى نعتبره بمثابة خطوة تمهيدية تقربنا للهدف المشترك الذى نطمح إليه، ألا وهو الربط الكهربائى لاحقاً مع بقية أرجاء القارة الأوروبية.
ولعلّه من المهم أن نعمل سويًا للبناء على هذه الخطوة الأوّلية بهدف إيجاد زخم مواز فيما يتصل بمسعى إنشاء خط أنابيب بحرى لنقل الغاز الطبيعى من حقل “افروديت” القبرصى إلى محطتى الإسالة المصريتيّن بدمياط وإدكو تمهيدًا لتوريد الغاز المُسال من مصر إلى اليونان، ومنها لاحقًا إلى كثير من دول أوروبا، الأمر الذى يتسق مع الطموحات المنشودة من تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بوصفه كيانًا نُعوّل عليه من أجل حسن التخطيط لمشروعات التعاون الإقليمي، وتعظيم استفادة الدول الأعضاء وشعوب المنطقة من مخزون الغاز الطبيعى والثروات الهيدروكربونية بالبحر المتوسط، وبما يتسق مع قواعد القانون الدولى ومبدأ احترام سيادة الدول على أقاليمها ومواردها.
الشركاء الأعزاء
إن لقاءنا اليوم يعتبر فرصة هامة لتناول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلبه تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة بُلدان المنطقة وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، فضلاً عن مراعاة مقتضيات الأمن البحرى لكل دولة كونه جزءًا من الأمن الإقليمى، وغنى عن البيان، أنه لا يمكن التطرق إلى منطقة شرق المتوسط دون التأكيد فى هذا السياق على دعمنا المتجدد لمساعى جمهورية قبرص بهدف إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استنادا لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة، وعلى نحو يؤدى إلى إعادة توحيد شطرى الجزيرة، مع التأكيد على أهمية التزام جميع الأطراف المعنية بعدم انتهاك المياه الإقليمية أو المجال الجوى سواءً لجمهورية قبرص أو لجمهورية اليونان.
الصديقان العزيزان،
إن اجتماعنا اليوم يُعد كذلك فرصة مناسبة لكى أعاود التشديد على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائى وحقوقنا فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل جميع الجهود الممكنة للتوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى، وسيسعدنى خلال مداولاتنا أن أطلعكم بالتفصيل على آخر مساعينا للوصول لحل عادل لهذه القضية فى مواجهة التعنت غير المبرر أو المفهوم أو المقبول، من الأشقاء فى إثيوبيا.
إننى أتطلع كذلك لما سيشهده اجتماع اليوم من استئناف لنقاشنا المتواصل حول ملفات مهمة ذات تماس مباشر مع أمننا القومى، ولها تأثير كبير على مجمل حالة الاستقرار فى جوارنا الإقليمى المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبى والوضع فى سوريا وسبل دعم لبنان الشقيق، ونؤكد على أن تبادلنا الدورى والمنتظم للرأى والتنسيق الوثيق لمواقفنا إزاء هذه القضايا وغيرها مما يرتبط باستقرار المنطقة، يمثل أحد الأعمدة الأساسية لشراكتنا الثلاثية الناجحة.
الشركاء الأعزاء
إننا نعتبر شراكتنا الثلاثية بمثابة جسر من التفاهم والتناغم عبر ضفتى المتوسط، وبين مصر والقارة الأوروبية، ومن هذا المنطلق، فإن مصر تعول على شركائها اليونانيين والقبارصة لدعم رؤيتها وشرح مواقفها فى الإطار الأوسع للاتحاد الأوروبى، ترسيخًا وتعميقًا للشراكة المصرية الأوروبية، التى تقوم على التوازن والاحترام والمنفعة المتبادلة، وفى هذا الصدد، سيسعدنى خلال مداولاتنا أن أستعرض معكم الخطوات المهمة التى قامت بها مصر فى ملف حقوق الإنسان بإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى سبتمبر الماضى، فضلاً عن بحث سبل إطلاع شركائنا الأوروبيين على هذه التطورات المهمة، بحيث تتضح جدية مساعى الدولة المصرية لإعلاء حقوق وكرامة مواطنيها من منظور شامل.
دولة رئيس الوزراء،
فخامة الرئيس،
تستمر ظاهرة الإرهاب كخطر حاضر يحرم شعوب المنطقة من أبسط حقوقها الإنسانية، ألا وهو الحق فى الأمن والعيّش الكريم، وسط أزمات عابرة للحدود لا تقل خطورة مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما يرتبط بها من أنشطة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر، وإننا نتفهم تمامًا الأهمية التى يوليها شركاؤنا للتكاتف أمام هذه الظواهر المهددة للاستقرار، مما يدفعنا لبذل كل جهد ممكن من جانبنا للحد من تداعياتها، وبما يترتب عليه أعباء مادية كبيرة، تتحملها مصر عن طيب خاطر، إسهاماً منها فى دعم الاستقرار الإقليمى والدولى.
دولة رئيس الوزراء،
فخامة الرئيس،
اسمحوا لى أن أعبر عن سعادتى مجدداً بلقائكما اليوم فى أثينا، ولا يسعنى إلا أن أتقدم لكما – صديقى العزيزيّن – بخالص الشكر على قناعتكما الصادقة بأهمية التعاون بين دولنا، ومن ثم بأهمية الانطلاق بآلية التعاون الثلاثى إلى آفاق أرحب فى إطار الانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم بأسره، وإننى إذ أؤكد مجددًا على تطلعى لتبادل مفيد وبناء للرؤى بيننا فى الموضوعات المدرجة على جدول أعمال اجتماعنا اليوم، فلا يفوتنى التأكيد فى هذا السياق على تطلُعنا لاستضافة الاجتماع العاشر لآلية التعاون الثلاثى خلال العام المقبل، واستقبالكم جميعًا ضيوفًا أعزاء فى مصر بإذن الله.