حمدي نصر يكتب: الدِّينُ والدَّيْنُ
الحمد لله خلق الإنسان وحفظ عليه نفسه ودينه وعرضه ودمه وعقله وماله، وبعد فإن الإسلام رسالة كاملة تامة تهدف إلي حفظ الأمن والأمان ونشر السلام والاستقرار.
يهمك.. حمدي نصر يكتب: الحاضر.. الغائب
ومما يقوم بهذا حفظ مال الإنسان وصيانته ، وقد جعل الإسلام لكل إنسان ذمة مستقلة وهو المسئول عنها أمام الله تعالى فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال عن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقهة ؟
وقد حرص الإسلام و حث علي ادخال السرور على المسلم ومما يدخل هذا السرور على المسلم قضاء دينه وكشف قربته وتفريج همه وتنفيس كربه، وربما كان هذا بالإقراض الذي جعله ربنا اقراضا له سبحانه.
قال تعالى: “مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” [البقرة : 245]
كما قال تعالى: “مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ” [الحديد : 11]
وأيضا قال تعالى: « إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ» سورة التغابن: 17.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبًا الصدقة بعشر أمثالها ، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة ؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده ، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة» رواه ابن ماجة.
لذا أوجب الإسلام على من يقترض مين غيره أو يستدين منه أن يحفظ عليه ماله وأن يحسن النية ويجتهد فى رد هذه الأمانة، بل و حث على كتابة الدَّيْن حفظا له وحفاظا عليه ،
وربما حُبِسَ الإنسان عن الجنة لكونه مديون حتى وإن كان شهيدا، وكان رسول الله يسأل قبل أن يصلى على ميت هل عليه دين ؟؟؟
فإن لم يكن عليه دين صلى عليه وإلا ترك الصلاة عليه حتى يتحمل أحد الحاضرين عن الميت دينه وإلا فلا وعد الإسلام المماطلة في سداد الديون ظلم، وأخبر رسولنا أن من أخذ أموال الناس يريد آداءها أدى الله عنه وأعانه وكفاه إياها، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله وضيعه.
لذا علينا الحذر كل الحذر من ديون العباد، وهنا لفته آداء الدَّيْن وحفظه للمسلم ولغيره كما علمنا رسول الله حتى وإن كان صاحب الدَّيْن غير أمين فلابد وأن نتحلى نحن بالأمانة.
ونوصى كلَّ من عليه ديْن أن يسارع مستعينا بالله متوكلا عليه آخذا بالأسباب في ادائه قبل أن يلقي ربه والدَّيْن في عنقه ،
ونقول لمن يقفون عند رأس الجنازة من أولاده أو أحد أقاربه أو أحد أصحابه وهو يخاطب المشيعين ووالناس [ من كان له دين عند هذا الميت فأنا كفيل به ودينه عندى هنا قد تحملت الدين عن هذا الميت وعليك أن تصدق نفسك وربك والناس وتسارع فى سداد ديون هذا الميت والتى اصبحت فى رقبتك بتحملك إياها ].
من هنا نعلم أن الدَّيْن أمر خطير يحتاج إلى همَّة عالية والبعد عن المماطلة، خاصة وإن كان معنا المال الذى نسدد به، وربما مات المدين وهو الغنى الذى كان عنده من المال ما يسد به دينه ولكنه غفل، فلم يجد من ورثته من يحنو عليه ويرفق به ويسارع بقضاء ديونه والتى هى من أوجب الحقوق فى تركة الميت بل وقبل تقسيمها.
هذا فى حق الديون المادية .
أما عن الديون المعنوية
من غيبة او نميمة أو سوء ظن أو همز أو لمز أو اتهام بغير بينة أو نشر شائعة اضرت أو غير ذلك فعل أصحابها سرعة التوبة منها بحسن السماح من أهلها إن لم يترتب على إخبارهم ضرر أو شقاق أو غير ذلك.
وإلا فنكثر من الدعاء لهم ولنا ونكثر من مدحهم والثناء عليهم فى الأماكن وبين الأشخاص الذى قمنا بذمهم عندهم وبينهم.
ونحسن التوبة إلى الله عز وجل ونسأله الرضا منا وعنا وأن يرضى أصحاب هذه الحقوق عنا ، وهذا يكون بحسن التوبة وصدقها فى القلب وعلى أرض الواقع .
هكذا أمرنا الدِّينُ نحو الدَّيْنِ .
**حمدى أحمد نصر
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف